فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٥٤
425 - (إذا استشار أحدكم أخاه) في الدين وذكر الأخ غالبي فلو استشاره ذمي كان كذلك أي طلب منه المشورة يعني استأمره في شئ هل يفعله أو لا وذلك مندوب لمدحه تعالى للأنصار بقوله * (وأمرهم شورى بينهم) * (فليشر عليه) بما هو الأصلح وإلا فقد خانه كما في خبر رواه الخرائطي وغيره فيجب عليه بذل النصح وإعمال الفكر فإنه مؤتمن فإن بذل جهده فأخطأ لم يغرم كما ذكره الخطابي ولا يشاور في العبادة فإنها خير قطعا على ما قيل لكنه بإطلاقه عليل إذ لو أراد الحج مثلا فتردد في كون تركه له أفضل لكونه حج قبل وكان عالم ذاك القطر وليس ثم من يسد مسده أو أراد الازدياد من الصوم وتردد في كونه ربما عطل عليه ما هو أعم منه نفعا فلا ريب في ندب الاستشارة وقس عليه، قال الراغب: والاستشارة استنباط الرأي من غيره فيما يعرض من المشكلات ويكون ذلك في الأمور الجزئية التي يتردد فيها بين فعل وترك ونعمت العدة هي قال علي كرم الله وجهه المشاورة حصن من الندامة وأمن من الملامة وقيل الأحمق من قطعه العجب عن الاستشارة والاستبداد عن الاستخارة وكفى بمدحها قوله تعالى * (وشاورهم في الأمر) * لكن لا يشاور إلا أمينا حاذقا ناصحا مجربا ثابت الجأش غير معجب بنفسه ولا متلون في رأيه ولا كاذب في مقاله فمن كذب لسانه كذب رأيه ويجب كونه فارغ البال وقت الاستشارة (ه عن جابر) بن عبد الله رضي الله تعالى عنه وهو من حديث ابن الزبير عن جابر وقد رمز المؤلف لصحته.
426 - (إذا استشاط السلطان) تلهب وتحرق غضبا (تسلط الشيطان) أي تغلب عليه فأغراه بالإيقاع بمن يغضب عليه حتى يوقع به، فيهلك فليحذر السلطان من تسلط عدوه عليه فيستحضر أن غضب الله عليه أعظم من غضبه وأن فضل الله عليه أكبر وكم عصاه وخالف أمره ولم يعاقبه ولم يغضب عليه وليرد غضبه ما استطاع ويتيقظ لكيد الخبيث فإنه له بالمرصاد، وأخذ منه أن السلطان لا يعاقب من استحق العقوبة حتى يتروى سلطان غضبه لئلا يقدم على ما ليس بجائز ولهذا شرع حبس المجرم حتى ينظر في جرمه ويكرر النظر فقد قال بعض المجتهدين: ينبغي للسلطان تأخير العقوبة حتى ينقضي سلطان غضبه وتعجيل مكافأة المحسن ففي تأخير العقاب إمكان العفو وفي تعجيل المكافأة بالإحسان المسارعة للطاعة. - (حم طب عن عطية) بفتح أوله وكسر ثانيه ابن عروة (السعدي) له رؤية ورواية قال الهيتمي: رجاله ثقات وذكره في موضع آخر وقال فيه من لم أعرفه وقد رمز المؤلف لحسنه.
427 - (إذا استطاب أحدكم فلا يستطب بيمينه) أي إذا استنجى فلا يستنجي بيده اليمنى وسمى الاستنجاء استطابة لتطييبه للبدن بإزالة الخبث الضار كتمه. قال الخطابي: فمعنى الطيب
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة