فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٣٦
ورحم كبيرهم صغيرهم كما يدل عليه خبر ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا وإنما لم يذكره هنا لأنه كان يخاطب كل أحد بما يليق بحاله ففهم من المخاطب التقصير في التوقير دون القرينة الثانية (ورزقهم الرفق) بكسر الراء اللطف والدربة وحسن التصرف والسياسة (في معيشتهم) أي ما يتعيشون به أو ما يتوصلون به إلى العيش أي إلى الحياة وفي ذلك البركة والنمو كما صرح به في خبر الخرق شؤم والرفق يمن ثم عطف عليه عطف خاص على عام اهتماما بشأنه بقوله (والقصد) بفتح وسكون (في نفقاتهم (أي الوسط المعتدل بين طرفي الإفراط والتفريط فيها قال تعالى * والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) * والقصد العدل والاستقامة يقال قصد في الأمر إذا توسط وطلب الأسد ولم يجاوز الحد (وبصرهم عيوبهم) أي ذنوبهم أي عرفها لهم وجعلها نصب أعينهم وشغلهم بها عن عيوب غيرهم (فيتوبوا) أي ليتوبوا أي يرجعوا إلى الله (منها) بالطاعة وترك المنهي والعزم على عدم العود (وإذا أراد بهم غير ذلك) أي أراد بهم شرا. ولم يذكره لاقتضاء المقام استهجان ذكره يعني سوء الخاتمة أو العذاب (تركهم هملا) بالتحريك أي ضلالا بأن لا يلهمهم فعل ذلك ويخلي بينهم وبين أنفسهم حتى يهلكوا لغضبه عليهم وإعراضه عنهم وهذا كقوله تعالى * (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم) * الآية، قال ابن عطاء الله: كل من وكل إلى نفسه لم تفته معصية وإن لم يكن فاعلا ومن نصرته العناية لم تفته طاعة وإن لم يكن فاعلا، وقال: الكلب المعلم يغل في السلاسل ليعمل بمقتضى علمه والكلب الجاهل يترك ويتخلى وشهواته، وأنشد بعضهم:
والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه * كما يجلي سواد الظلمة القمر والعلم فيه حياة للقلوب كما * تحيا البلاد إذا ما مسها المطر - (قط) في كتاب (الأفراد) بفتح الهمزة (عن أنس) وقال غريب تفرد به ابن المنكدر عنه ولم يروه عنه غير موسى ابن محمد بن عطاء وهو متروك انتهى وفي (1) كذبه أبو زرعة وأبو حاتم - - - - - - - - - - (1) [أحرف ساقطة في الأصل.] - - - - - - - - - - 389 - (إذا أراد الله بقوم) قال الحراني: هم الذين يقومون بالأمر حق القيام وهم في عرف استعمال العرب لأهل النجدة والقوة حتى يقولون قوم أم نساء تقابلا بين المعنيين (خيرا أكثر فقهاءهم) أي علمائهم بالأحكام الشرعية الفرعية أو الأصولية (وأقل جهالهم) بالضم والتشديد (فإذا تكلم الفقيه) بما يوجبه العلم من طاعة كأمر بمعروف ونهي عن منكر (وجد أعوانا يظاهرونه ويناصرونه جمع عون وهو الظهير (وإذا تكلم الجاهل) بما يخالف الحق (قهر) بالبناء للمجهول أي خذل وغلب ورد عليه والقهر الغلبة (وإذا أراد بقوم شرا أكثر جهالهم وأقل فقهاءهم فإذا تكلم الجاهل) بغير الحق (وجد أعوانا وإذا تكلم الفقيه) بالحق (قهر) أي وجد مقهورا وذلك من أشراط الساعة، قال الغزالي : والمراد بالجاهل الجاهل بعلوم الآخرة وإن كان عالما بعلوم الدنيا تلبس بها رياء ونفاقا وسمعة وغرضه
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة