فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٣٣
أذهب الشرك فولى فأصابه الحائط فشجه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره فقال له أنت عبد أراد الله بك خيرا ثم ذكره قال الهيتمي رجال أحمد رجال الصحيح وكذا أحد إسنادي الطبراني وطريقه الآخر فيه هشام بن لاحق ترك أحمد حديثه وضعفه ابن حبان (طب عن عمار بن ياسر) قال: مرت امرأة برجل فأحدق بصره إليها فمر بجدار فلمس وجهه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يسيل دما فقال: فعلت كذا (عد عن أبي هريرة) قال: جاء رجل يسيل وجهه دما فقال وما أهلكك قال: خرجت من منزلي فإذا أنا بامرأة فأتبعتها بصري فأصاب وجهي الجدار فأصابني ما ترى فذكره رمز المؤلف لصحته.
386 - (إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين وألهمه رشده) أي وفقه لإصابة الرشد وهو إصابة الحق ذكره القاضي. قال الزمخشري: والرشد الاهتداء لوجوه المصالح قال تعالى * (فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) * ومعنى إضافته إليه أنه رشد له شأن. قال السمهودي ومفهومه أن من لم يفقهه في الدين ولم يرشده لم يرد به خيرا وقد أخرجه أبو نعيم وزاد في آخره ومن لم يفقهه في الدين لم يبال الله به وكذا أبو يعلى لكنه قال: ومن لم يفقهه لم يبل به وفيه أن العناية الربانية وإن كان غيبها عنا فلها شهادة تدل عليها ودلالة تهدي إليها فمن ألهمه الله الفقه في الدين ظهرت عناية الحق به وأنه أراد به خيرا عظيما كما يؤذن به التنكير وهذا التقرير كله بناء على أن المراد بالفقه علم الأحكام الشرعية الاجتهادية وذهب جمع منهم الحكيم الترمذي إلى أن المراد بالفقه الفهم فالفهم انكشاف الغطاء عن الأمور فإذا عبد الله بما أمر ونهى بعد أن فهم أسرار الشريعة وانكشف له الغطاء عن تدبيره فيما أمر ونهى انشرح صدره وكان أشد تسارعا إلى فعل المأمور وتجنب المنهي وذلك أعظم الخيور وغيره إنما يعبده على مكابدة وعسر لأن القلب وإن أطاع وانقاد لأمر الله تعالى فالنفس إنما تنشط وتنقاد إذا رأت نفع شئ أو ضره وأما من فهم تدبير الله تعالى في ذلك فينشرح صدره ويخف عليه فعله فذلك هو الفقه وقد أحل الله النكاح وحرم الزنا وإنما هو إتيان واحد لامرأة واحدة لكن هذا بنكاح وهذا بزنا فإذا كان بنكاح فشأنه العفة والتحصين فإذا أتت بولد ثبت نسبه وحصل العطف من أبيه بالتربية والنفقة والإرث وإذا كان من زنا ضاع الولد لأنه لا يدري أحد الواطئين ممن هو فكل يجعله على غيره وحرم الله الدماء وأمر بالقود لينزجروا * (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) * وحرم المال وأمر بقطع السارق لتحفظ الأموال بالامتناع من ذلك فعلل المنهيات والمأمورات بينة لأولي الألباب (البزار) وكذا الطبراني في الكبير من هذا الطريق بهذا اللفظ ولعله غفل عنه (عن ابن مسعود) قال المنذري إسناده لا بأس به وقال الهيتمي: رجاله موثوقون وحينئذ فرمز المؤلف لحسنه لا يكفي بل حقه الرمز لصحته وظاهر كلامه أنه لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه فقد أخرجه الترمذي باللفظ المزبور من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة