فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٧٣
الزركشي أن القاضي أبا الطيب أقيمت صلاة الجمعة فهم بالتكبير فذرق عليه طير فقال أنا حنبلي فأحرم ولم يمنعه عمله بمذهبه من تقليد المخالف عند الحاجة وممن جرى على ذلك السبكي فقال:
المنتقل من مذهب لآخر له أحوال: الأول أن يعتقد رجحان مذهب الغير فيجوز عمله به اتباعا للراجح في ظنه، الثاني أن يعتقد رجحان شئ فيجوز، الثالث أن يقصد بتقليده الرخصة فيما يحتاجه لحاجة لحقته أو ضرورة أرهقته فيجوز، الرابع أن يقصد مجرد الترخص فيمتنع لأنه متبع لهواه لا للدين، الخامس أن يكثر ذلك ويجعل اتباع الرخص ديدنه فيمتنع لما ذكر ولزيادة فحشه، السادس:
أن يجتمع من ذلك حقيقة مركبة ممتنعة بالإجماع فيمتنع، السابع أن يعمل بتقليد الأول كحنفي يدعي شفعة جوار فيأخذها بمذهب الحنفي فتستحق عليه فيريد تقليد الإمام الشافعي فيمتنع لخطئه في الأولى أو الثانية وهو شخص واحد مكلف. قال: وكلام الآمدي وابن حجاب منزل عليه، وسئل البلقيني عن التقليد في المسألة السريحية فقال: أنا لا أفتي بصحة الدور لكن إذا قلد من قال بعدم وقوع الطلاق كفى ولا يؤاخذه الله سبحانه وتعالى لأن الفروع الاجتهادية لا يعاقب عليها أي مع التقليد وهو ذهاب منه إلى جواز تقليد المرجوح وتتبعه، قال بعضهم: ومحل ما مر من منع تتبع الرخص إذا لم يقصد به مصلحة دينية وإلا فلا منع كبيع مال الغائب فإن السبكي أفتى بأن الأولى تقليد الشافعي فيه لاحتياج الناس غالبا في نحو مأكول ومشروب إليه والأمر إذا ضاق اتسع وعدم تكرير الفدية بتكرر المحرم اللبس فالأولى تقليد الشافعي لمالك فيه كما أفتى به الأبشيطي وذهب الحنفية إلى منع الانتقال مطلقا قال في فتح القدير: المنتقل من مذهب لمذهب باجتهاد وبرهان آثم عليه التعزير وبدونهما أولى ثم حقيقة الانتقال إنما تتحقق في حكم مسألة خاصة قلد فيها وعمل بها وإلا فقوله قلدت أبا حنيفة فيما أفتى به من المسائل أو التزمت العمل به على الإجمال وهو لا يعرف صورها ليس حقيقة التقليد بل وعد به أو تعليق له كأنه التزم العمل بقوله فيما يقع له فإذا أراد بهذا الالتزام فلا دليل على وجوب اتباع المجتهد بإلزامه نفسه بذلك قولا أو نية شرعا بل الدليل اقتضى العمل بقول المجتهد فيما يحتاجه بقوله عالي * (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * والمسؤول عنه إنما يتحقق عند وقوع الحادثة قال والغالب أن مثل هذه الالتزامات لكف الناس عن تتبع الرخص إلا أن أخذ العامي في كل مسألة بقول مجتهد أخف عليه ولا يدري ما يمنع هذا من النقل والعقل انتهى وذهب بعض المالكية إلى جواز الانتقال بشروط ففي التنقيح للقرافي عن الزناتي التقليد يجوز بثلاثة شروط: أن لا يجمع بينهما على وجه يخالف الإجماع كمن تزوج بلا صداق ولا ولي ولا شهود فإنه لم يقل به أحد، وأن يعتقد في مقلده الفضل، وأن لا يتتبع الرخص والمذاهب وعن غيره يجوز فيا لا ينقض فيه قضاء القاضي وهو ما خالف الإجماع أو القواعد الكلية أو القياس الجلي ونقل عن الحنابلة ما يدل للجواز وقد انتقل جماعة من المذاهب الأربعة من مذهبه لغيره منهم عبد العزيز بن عمران كان مالكيا فلما قدم الإمام الشافعي رحمه الله تعالى مصر تفقه عليه وأبو ثور من مذهب الحنفي إلى مذهب الشافعي وابن عبد الحكم من مذهب مالك إلى الشافعي ثم عاد وأبو جعفر بن نصر من الحنبلي إلى الشافعي والطحاوي من الشافعي إلى الحنفي والإمام السمعاني من الحنفي إلى الشافعي والخطيب البغدادي والآمدي وابن برهان من الحنبلي إلى الشافعي وابن فارس صاحب المجمل من الشافعي إلى المالكي
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة