فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٧٨
الأمل وتعطل العمل وهذا هجيرا (قوله هجيرا: قال في النهاية: الهجير والهجيرا: الدأب والعادة والديدن: أه‍) أكثر الناس ليست من أخلاق المؤمنين ومن ثم قيل التمرغ في الدنيا من أخلاق الهالكين ذكره كله الزمخشري. - (ابن النجار) محب الدين (في تاريخه) تاريخ بغداد (عن عامر بن ربيعة) بفتح الراء وكسر الموحدة ابن كعب بن مالك العنزي بفتح المهملة وسكون النون وبزاي حليف أل الخطاب من المهاجرين الأولين شهد بدرا وما بعدها (وهو مما بيض له الديلمي) لعدم وقوفه له على سند.
295 - (أخشى ما خشيت على أمتي) أي أخوف ما خفت عليهم. قال الزمخشري: الخشية خوف يشوبه تعظيم وأكثر ما يكون ذلك عن علمه بما يخشى منه ولهذا خص العلماء بها فقال * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * (كبر البطن) يعني الانهماك في الأكل والشرب والذي يحصل منه كبرها ومن كانت همته ما يدخله بطنه فقيمته ما يخرج من بطنه إذ لا فرق بين إدخال الطعام إلى البطن وبين إخراجه، فهما ضروريان في الجبلة فكما لا يكون قضاء الحاجة من همتك التي تشغل بها قلبك فلا ينبغي كون تناول الطعام من همتك التي تشغل بها قلبك فمن زاد على ثلث بطنه وصرف همته وبهمته لتحصيل لذيذ الأطعمة ولم يقنع بما يتفق فهو من المخوف عليهم قال الغزالي والخوف رعدة تحصل في القلب عن ظن مكروه يناله والخشية نحوه لكن الخشية تقتضي ضربا من الاستعظام والمهابة (ومداومة النوم) المفوت للحقوق المطلوبة شرعا الجالب لغضب الرب وقسوة القلب قال الغزالي قال عبد الله بن الحسن كنت معجبا بجارية رومية لي ففقدتها من محلها في الليل فطلبتها فإذا هي ساجدة تقول بحبك لي إلا ما غفرت لي فقلت لها لا تقولي بحبك لي وقولي بحبي لك قالت لا يا مولاي بحبه لي أخرجني من الكفر إلى الاسلام وبحبه لي أيقظني وكثير من خلقه نيام (والكسل) بالتحريك التقاعس عن النهوض إلى معاظم الأمور وكفايات الخطوب وتحمل المشاق والمتاعب في المجاهدة في الله ولله والفتور عن القيام بالطاعات الفرضية والنفلية الذي من ثمراته قسوة القلب وظلمة اللب ففي الحديث للديلمي عن عائشة رضي الله تعالى عنها ثلاث خصال تورث قسوة القلب حب الطعام وحب النوم وحب الراحة، ومن ثم تشمر لذلك السلف حق التشمير وأقبلوا على إحياء ليلهم ورفضوا له الرقاد والدعة وجاهدوا فيه حتى انتفخت أقدامهم واصفرت ألوانهم فظهرت السيما في وجوههم وترامى أمرهم إلى خدمة ربهم فخفف عنهم. قال الراغب: ومن تعود الكسل ومال إلى الراحة فقد الراحة فحب الهوينا يكسب النصب، وقد قيل إن أردت أن لا تتعب فاتعب لئلا تتعب وقيل إياك والكسل والضجر فإنك إن كسلت لم تؤد حقا وإن ضجرت لم تصبر على الحق، وما أحسن ما قيل:
علو الكعب بالهمم العوالي * المرء في سهر الليالي ومن رام العلى من غير كد أضاع العمر في طلب المحال
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة