فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٧٠
المعرفة) أي في كتاب معرفة الصحابة (عن) درهم بن زباد بن درهم عن أبيه عن جده (درهم) ودرهم وأبوه لم يدخلا التهذيب ولا رجال ولا ثقات ابن حبان وجده درهم ذكره الذهبي في تجريده وذكر له هذا الحديث وتقدمه ابن خزيمة في الصحابة 287 - (اختضبوا وافرقوا) بهمزة وصل وبضم الراء وقاف أي اجعلوا شعر رؤوسكم فرقتين عن يمين ويسار (وخالفوا اليهود) فإنهم لا يخضبون أي غالبا ولا يفرقون بل يسدلون بضم الدال ففي الخضاب مخالفة أهل الكتاب وتنظيف الشعر وتقويته وتليينه وتحسينه وشد الأعضاء وجلاء البصر وتطييب الريح وزيادة الجمال واتباع السنة وغير ذلك. وقوله وخالفوا اليهود يحتمل أن المراد خالفوهم في جميع أحوالهم التي منها عدم الفرق فيشمل الامتناع من مساكنة الحائض والسبت وغير ذلك وبه جزم القرطبي فقال: كان يحب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر حين قدومه المدينة ليتألفهم ليدخلوا في الدين فلما غلبت عليهم الشقوة ولم ينجع معهم أمر بمخالفتهم في أمور كثيرة حتى قالوا ما يريد الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه فاستقر آخرا على مخالفتهم في كل ما لم يؤمر فيه بحكم.
واعلم أن المشركين كانوا يفرقون رؤوسهم أي يجعلون شعرها نصفين نصفا من جانب اليمين على الصدر ونصفا من جانب اليسار عليه وكان أهل الكتاب يسدلون أي يرسلون شعر رؤوسهم حول الصدر وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشئ لتمسكهم ببقايا من شرائع الرسل فلما فتحت مكة واستقر الأمر خالفهم ففرق وأمر بالفرق فدل على أنه أفضل لرجوعه إليه آخرا فعلا وأمرا لكنه غير واجب بدليل أن بعض الصحب سدل بعد، فلو كان الفرق واجبا لم يسدلوا وزعم نسخ السدل يحتاج لبيان الناسخ وتأخيره عن المنسوخ على أن رجوعه إلى الفرق يحتمل كونه باجتهاده لكونه أنظف وأبعد على الإسراف في غسله وعن مشابهة النساء (عد عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه الحارث بن عمران الجعفري قال في الميزان قال ابن حبان وضاع على الثقات وقال مخرجه ابن عدي:
الضعف على رواته بين.
288 - (اختلاف) افتعال من الخلف وهو ما يقع من افتراق بعد اجتماع في أمر من الأمور ذكره الحراني (أمتي) أي مجتهدي أمتي في الفروع التي يسوغ الاجتهاد فيها فالكلام في الاجتهاد في الأحكام كما في تفسير القاضي قال: فالنهي مخصوص بالتفرق في الأصول لا الفروع انتهى. قال السبكي: ولا شك أن الاختلاف في الأصول ضلال وسبب كل فساد كما أشار إليه القرآن وأما ما ذهب إليه جمع من أن المراد الاختلاف في الحرف والصنائع فرده السبكي بأنه كان المناسب على هذا أن يقال اختلاف الناس رحمة إذ لا خصوص للأمة بذلك فإن كل الأمم مختلفون في الحرف والصنائع فلا بد من خصوصية قال: وما ذكره إمام الحرمين في النهاية كالحليمي من أن المراد اختلافهم في المناصب والدرجات والمراتب فلا ينساق الذهن من لفظ الاختلاف إليه (رحمة) للناس كذا هو ثابت في رواية عن
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة