فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٦٩
النصارى تأولوا ما في التوراة بأن المقصود زوال قلفة القلب لا جلدة الذكر فتركوا المشروع من الختان بضرب من الهذيان وليس هو أول جهالتهم فكم لهم منها وكم وكم ويكفيك أنهم زادوا على أنبيائهم في الفهم وغلطوا فيما عملوا عليه وقضوا به من الحكم. (حم ق عن أبي هريرة) وفي الباب غيره أيضا.
285 - (اختضبوا) بكسر الهمزة أي غيروا ألوان شعوركم ندبا (بالحناء) بكسر الحاء المهملة وشد النون والمد (فإنه طيب الريح) أي زكي الرائحة والطيب ضد الخبيث (يسكن الروع) بفتح الراء أي الفزع بخاصية فيه علمها الشارع وزعم أن رؤية الشيب مفزعة والخضاب يستره يرده أن الأمر بالخضاب يعم الأشيب وغيره هذا هو الظاهر في تقرير معنى الحديث، فإن قلت: إن ريح الحناء مستكره عند أكثر الناس بشهادة الوجدان ومن ثم جاء في خبر مسلم الآتي في الشمائل أنه كان يكرهه فبين الحديثين تدافع، قلت: أما نفرة الطبع السليم من ريحه فضلا عن استلذاذه فإنكاره مكابرة غير أن لك أن تقول الطيب يجئ بمعنى الفاضل ففي القاموس وغيره الطيب الأفضل من كل شئ فلا مانع من أن الشارع صلى الله عليه وسلم اطلع على أن ريحه ينفع ويزكي بعض الحواس أو الأعضاء الباطنة فلا ينافي ذلك كراهته له لأن الطبع يكره الدواء النافع فتدبره فإنه نافع، ثم رأيت شيخنا الشعراوي رحمه الله تعالى نقل عن بعضهم أن الضمير يعود إلى تمر الحناء بدليل تذكيره قال: فلا ينافي أنه كان يكره ريحه انتهى وإنما يستقيم أن لو كان نور الحناء يخضب أحمر وإلا فهو ساقط (ع والحاكم في الكنى عن أنس) بن مالك وفيه الحسن بن دعامة عن عمر بن شريك قال الذهبي في الضعفاء مجهولان.
286 - (اختضبوا بالحناء) ندبا (فإنه يزيد في شبابكم وجمالكم) أي يزيد في الصورة قبولا للناظر وإلا فالخضاب ليس في الوجه (ونكاحكم) لأنه يشد الأعضاء والأعصاب وفيه قبض وترطيب ولونه ناري محبوب مهيج مقو للمحبة وفي ريحه عطرية مع قبض [فإن قلت] كيف يزيد في الشباب مع أن سنه محدود محسوب [قلت] المراد زيادته في هيئة الشبيبة بأن يصير الكهل مثلا كهيئة الشاب إذا داوم عليه لما يكسوه من النضارة والإشراق والقوة وخضب المرأة يديها ورجليها مندوب ومما ورد في الترغيب في الخضاب ما رواه الخطيب في ترجمة محمد الفهري من حديث عمار بن سبط يرفعه اختضبوا فإن الله وملائكته وأنبياءه ورسله وكلما ذر أو برأ حتى الحيتان في بحارها والطير في أوكارها يصلون على صاحب الخضاب حتى يتصل خضابه. - (البزار) أحمد بن عمر بن عبد الخالق صاحب المسند من رواية ثمامة عن أنس بن مالك قال العراقي في شرح الترمذي وإسناده ضعيف (وأبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي وفيه عبد الرحمن بن الحارث الغنوي قال في الميزان: لا يعتمد عليه وفي اللسان فيه بعض تساهل وفيه يحيى بن ميمون عن الفلاس كذاب (عن أنس) بن يحيى بن تمار وهو ضعيف متروك (وأبو نعيم في
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة