فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢١٠
بشق تمرة) أي بشطر منها والحجاب جسم حائل بين شيئين وقد استعمل في المعاني فيقال العجز حجاب بين العبد وقصده والمعصية حجاب بينه وبين ربه وفيه حث على الصدقة وهي سنة كل يوم ولو بما قل كبعض تمرة أو الماء ويتأكد لمن يخص وقتا بالصدقة أن يتحرى الأوقات والأزمان الشريفة والأماكن الفاضلة ويتأكد أن يكون التصدق بطيب قلب وبشاشة وأن يكون من الحلال الصرف فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وذلك هو الذي يكون وقاية من النار (طب عن فضالة) بفتح الفاء والمعجمة (ابن عبيد) مصغرا شهد أحدا والحديبية وولي قضاء دمشق رمز المؤلف لحسنه وليس على ما ينبغي فقد أعله الهيتمي وغيره بابن لهيعة لكن يعضده ما رواه أحمد من حديث عائشة قال في الفتح بإسناد حسن يا عائشة استتري من النار ولو بشق تمرة لأنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان وكان الجامع بينهما في ذلك حلاوتها.
190 - (أجلوا) بالجيم وتشديد اللام (الله) المستوجب لجميع صفات الجلال والكمال أي عظموه باللسان والجنان والأركان أو اعتقدوا جلالته وعظمته وأظهروا صفاته الجلالية والجمالية والكمالية وتخلقوا بها بحسب الإمكان ومن قال معناه قولوا يا ذا الجلال فقد قصر حيث قصر، وروي بحاء مهملة أي أسلموا هكذا في مسند أحمد عن ابن ثوبان يعني أخرجوا من حظر الشرك إلى حل الإسلام وسعته من قولهم حل الرجل إذا خرج من الحرم إلى الحل فإنكم إن فعلتم ذلك (يغفر لكم) ذنوبكم وحذف المفعول إيذانا بالعموم ومن إجلاله أن يطاع فلا يعصى ويشكر فلا يكفر كيف وهو يرى ويسمع ومن قام بقلبه مشهد الإجلال ومن أهل الكمال (حم ع طب) وكذا في الأوسط والحاكم في الكنى وأبو نعيم (عن أبي الدرداء) قال الحافظ الهيتمي فيه أبو العذراء مجهول وبقية رجال أحمد وثقوا وزعم ابن الأثير أنه موقوف.
191 - (أجملوا) بهمزة قطع مفتوحة فجيم ساكنة فميم مكسورة (في طلب الدنيا) أي اطلبوا الرزق طلبا جميلا بأن ترفقوا أي تحسنوا السعي في نصيبكم منها بلا كد وتعب ولا تكالب وإشفاق. قال الزمخشري أجمل في الطلب إذا لم يحرص والدنيا ما دنا من النفس من منافعها وملاذها وجاهها عاجلا فلم يحرم الطلب بالكلية لموضع الحاجة بل أمر بالإجمال فيه وهو كان جميلا في الشرع محمودا في العرف فيطلب من جهة حله ما أمكن. ومن إجماله اعتماد الجهة التي هيأها الله ويسرها له ويسره لها فيقنع بها ولا يتعداها ومنه أن لا يطلب بحرص وقلق وشره ووله حتى لا ينسى ذكر ربه ولا يتورط في شبهة فيدخل فيمن أثنى الله تعالى عليهم بقوله تعالى * (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) * (النور: 37) الآية ثم بين وجه الأمر بذلك بقوله (فإن كلا) أي كل أحد من الخلق (ميسر) كمعظم أي مهيأ مصروف (لما كتب) قدر (له منها) يعني الرزق المقدر له سيأتيه ولا بد فإن الله تعالى قسم الرزق وقدره لكل أحد بحسب إرادته لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص بحسب علمه الأزلي وإن كان يقع ذلك بتبديل في اللوح أو
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة