فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٠٨
صلاتهم فالإمامة بعده للأقرب فالأقرب منه منزلة والأمثل فالأمثل به مرتبة وأجل مراتب العباد وأعلى منازلهم المعرفة بالله والخلق فيها صنفان عارف في ذات الله وهو مقام الرسل والأنبياء وواصلي الأولياء وعارف بصفات الله وهو مقام خيار المؤمنين فهم أحق بالتقدم بالإمامة فيقدم ندبا في الإمامة العدل على الفاسق ثم الأفقه ثم الأقرأ ثم الأورع ثم الأسبق إسلاما ثم الأسن ثم النسيب ثم الأحسن ذكرا ثم الأنظف ثوبا ثم الأحسن صوتا ثم الأحسن صورة ذكره الشافعية (قط هق) وضعفه كما في الكبير عنه كلاهما من حديث سعيد بن جبير (عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد أعله الدارقطني بأن فيه عمرو بن يزيد قاضي المدائن وسلام بن سليمان بن سوار بن المنذر قال ابن عدي عامة ما يرويه لا يتابع عليه انتهى قال الذهبي في المهذب إسناده ضعيف وفي التنقيح سنده مظلم أه‍ وسبقه لنحوه عبد الحق وابن القطان وغيرهما.
187 - (اجعلوا من صلاتكم) أي بعضها قال الطيبي: من تبعيضية وهو مفعول أول لاجعلوا والثاني (في بيوتكم) أي اجعلوا بعض صلاتكم التي هي النفل مؤداة في بيوتكم فقدم الثاني للاهتمام بشأن البيوت إذ من حقها أن يجعل لها نصيب من الطاعات انتهى وقيل من زائدة كأنه قال اجعلوا صلاتكم النفل في بيوتكم لتعود بركتها على البيت وأهله ولتنزل الرحمة فيها والملائكة ويكثر خيرها ويفر منها الشيطان فالنفل في البيت أفضل منه في المسجد ولو الحرام إلا ما سن جماعة وركعتا الطواف والإحرام وسنة الجمعة القبلية وقيل أراد بالصلاة الفرض ومعناه اجعلوا بعض فرائضكم في بيوتكم ليقتدى بكم من لا يخرج إلى المسجد من نحو امرأة ومريض والجمهور على الأول لقوله في حديث مسلم إذا قضى أحدكم الصلاة في المسجد فليجعل لبيته نصيبا من صلاته (ولا تتخذوها قبورا) أي كالقبور مهجورة من الصلاة شبه البيوت التي لا يصلى فيها بالقبور التي لا يمكن الموتى التعبد فيها (حم ق د) وكذا ابن ماجة كلهم في الصلاة (عن ابن عمر) ابن الخطاب (ع والروياتي) محمد بن هارون الحافظ وليس بالفقيه الشافعي (والضياء) المقدسي في المختارة كلهم (عن) أبي عبد الرحمن (زيد بن خالد) الجهني بضم الجيم وفتح الهاء وكسر النون صحابي مشهور وكان معه لواء جهينة يوم الفتح (ومحمد بن نصر) الفقيه الكبير أحد رفعاء الشافعية وعظمائهم (في) كتاب (الصلاة) وهو مؤلف مستقل حافل (عن عائشة) الصديقة رضي الله عنها ومع وجود الحديث في الصحيحين لا حاجة لعزوه لغيرهما اللهم إلا أن يكن قصده إثبات تواترة.
188 - (اجعلوا بينكم وبين الحرام سترا) أي وقاية (من الحلال) وهو واحد الستور قال الزمخشري: من المجاز رجل مستور وهتك الله ستره اطلع على مساويه وفلان لا يستتر من الله بستر أي لا يتقي الله فإن (من فعل ذلك) أي جعل بينه وبين الحرام سترا فقد (استبرأ) بالهمز وقد تخفف طلب البراءة (لعرضه) بصونه عما يشينه ويعيبه وفي المختار الاستبراء عبارة عن التبصر والتعرف احتياطا
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة