فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٠٧
المذكورات وقدر السنة والاجتماع وهذا الحديث وإن كان واهي الإسناد له شواهد منها حديث الترمذي عن جابر رفعه اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته ومنها حديث أبي هريرة وغيره قال في الفتح وكلها واهية وقد أشار البخاري إلى أن التقدير بذلك لا يثبت قال ابن بطال: لاحد لذلك غير تمكن دخول الوقت واجتماع المصلين (عم) فيما زاد على المسند من غير أبيه من حديث أبي الجوزاء (عن أبي) بن كعب قال الهيتمي:
وأبو الجوزاء لم يسمع من أبي (أبو الشيخ [ابن حبان]) ابن حبان (في) كتاب (الأذان) والإقامة (عن سلمان) الفارسي هو عبد الله أبو عثمان الهندي مات بالمدائن وعمره قيل ثلاثمائة وخمسين سنة والأكثر على مائتين وخمسين سنة كما في الكاشف (وعن أبي هريرة) معا قال الترمذي في إسناده مجهول وقال الحاكم ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن فائد انتهى قال الذهبي عمرو هذا قال الدارقطني متروك وقال ابن عبد الهادي اتهمه المديني وذكره النووي في الأحاديث الضعيفة وحصر الحاكم منعه الحافظ العراقي بأن فيه أيضا عبد المنعم الرياحي منكر الحديث كما قال البخاري وغيره انتهى وبذلك كله يعلم ما في تحسين المؤلف له إلا أن يريد أنه حسن لغيره.
185 - (اجعلوا) من الجعل كما قال الحراني وهو إظهار أمر عن سبب وتصيير (آخر صلاتكم بالليل) يعني تهجدكم فيه (وترا) بالكسر والفتح وهو الفرد ما لم يشفع من العدد والمراد صلاة الوتر وذلك لأن أول صلاة الليل المغرب وهي وتر فناسب كون آخرها وترا والأمر للوجوب عند أبي حنيفة وللندب عند الشافعي بدليل ذكر صلاة الليل فإنها غير واجبة اتفاقا فكذا آخرها وخبر من لم يوتر فليس منا معناه غير عامل بسنتنا وفيه الأمر بجعل صلاة الوتر آخر الليل فتأخيره إلى آخره أفضل لمن وثق بانتباهه آخر الليل وتقديمه لغيره أفضل كما يصرح به خبر مسلم " من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة أي تشهدها ملائكة الرحمة وعلى التفصيل تحمل الأحاديث المطلقة كخبر أوصاني خليلي أن لا أنام إلا على وتر (ق د) في الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب وقضية صنيعه أنه لم يروه من الستة إلا هؤلاء الثلاثة والأمر بخلافه فإن النسائي رواه معهم.
186 - (اجعلوا) ندبا (أئمتكم) أي الذين يؤمون بكم في الصلاة (خياركم) أي قدموا للإمامة أفضلكم بالصفات المبينة في كتب الفروع (فإنهم) أي الأئمة وفي لفظ فإنها (وفدكم) بفتح الواو وسكون الفاء أي متقدموكم المتوسطون (فيما بينكم وبين ربكم) وكلما علت درجة المتوسط كان أرجى للقبول وأقرب إلى إفاضة الرحمة وإدرار البر على المقتدين به والوفد الجماعة المختارة من القوم ليتقدموهم في لقى العظماء لقضاء المهمات ودفع الملمات وذلك أن الإمام خليفة المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ هو الواسطة الأفخم والقائد الأعظم والإمام المقدم يوم القيامة فكذا هو إمامهم في وفادتهم في الدنيا في
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة