المذهب فيه وقد ثبت النهي عنه انتهى، أقول وهذا بناء منه على ما فهمه من لفظ الحديث أن مراده بالمحراب ليس إلا ما هو المتعارف في المسجد الآن ولا كذلك فإن الإمام الشهير المعروف أي بابن الأثير قد نص على أن المراد بالمحاريب في الحديث صدور المجالس قال ومنه حديث أنس كان يكره المحاريب أي لم يكن يحب أن يجلس في صدور المجالس ويرتفع على الناس انتهى. واقتفاه في ذلك جمع جازمين به ولم يحكوا خلافه منهم الحافظ الهيتمي وغيره وقال الحراني: المحراب صدر البيت ومقدمه الذي لا يكاد يوصل إليه إلا بفضل منه وقوة جهد وفي الكشاف في تفسير * (كلما دخل عليها زكريا المحراب) * ما نصه: قيل بنى لها زكريا محرابا في المسجد أي غرفة تصعد إليها بسل ، وقيل المحراب أشرف المجالس ومقدمها كأنها وضعت في أشرف موضع في بيت المقدس وقيل كانت مساجدهم تسمى المحاريب انتهى وقال في تفسير * (يعملون له ما يشاء من محاريب) * (سبأ: 13) المحاريب المساكن والمجالس الشريفة سميت به لأنه يحامى عليها ويذب عنها وقيل المساجد انتهى.
وفي الأساس مررت بمذبح النصارى ومذابيحهم وهي محاريبهم ومواضع كتبهم ونحوها المناسك للمتعبدات وهي في الأصل المذابح انتهى، وفي الفائق المحراب المكان الرفيع والمجلس الشريف لأنه يدافع عنه ويحارب دونه ومنه قيل محراب الأسد لمأواه وسمي القصر والغرفة المنيفة محرابا انتهى بنصه، وفي القاموس المذابح المحاريب والمقاصير. بيوت النصارى والمحراب الغرفة وصدر البيت وأكرم مواضعه ومقام الإمام من المسجد والموضع ينفرد به الملك، وقال الكمال ابن الهمام في الفتح بعد ما نقل كراهة صلاة الإمام في المحراب لما فيه من التشبه بأهل الكتاب والامتياز عن القوم ما نصه لا يخفى أن امتياز الإمام مفردا مطلوب في الشرع في حق المكان حتى كان التقدم واجبا عليه وغاية ما هنا كونه في خصوص مكان ولا أثر لذلك فإنه بنى في المساجد المحاريب من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو لم تبن لكانت السنة أن يتقدم في محاذاة ذلك المكان لأنه يحاذي وسط الصف وهو المطلوب إذ قيامه في غير محاذاته مكروه وغايته اتفاق الملتين في بعض الأحكام ولا بدع فيه على أن أهل الكتاب إنما يخصون الإمام بالمكان المرتفع كما قيل فلا تشبه انتهى (طب هق عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه قال الهيتمي: فيه عبد الرحمن بن مغرا وثقه ابن حبان وغيره وضعفه ابن المديني في روايته عن الأعمش وليس هذا منها انتهى. وقال المصنف حديث ثابت وهو على رأي أبي زرعة ومتابعيه صحيح وعلى رأي ابن عدي حسن والحسن إذا ورد من طريق ثان ارتقى إلى الصحة انتهى وهو غير صواب فقد تعقبه الحافظ الذهبي في المذهب على البيهقي فقال قلت هذا خبر منكر تفرد به عبد الرحمن بن مغرا وليس بحجة انتهى وحينئذ فإثبات الحكم بصحته بفرض ما فهمه المؤلف منه لا يصار إليه.
154 - (أتموا الركوع والسجود) أي ائتوا بهما تامين كاملين بشرائطهما وسننهما وآدابهما وأوفوا الطمأنينة فيهما حقها فتجب الطمأنينة فيهما في الفرض وكذا في النفل عند الشافعية وذلك بأن تستقر أعضاؤه في محلها قال الحراني: الإتمام التوفية لما له صورة تلتئم من أجزاء وآحاد (فو) الله (الذي نفسي بيده) أراد بالنفس ذاته وجملته وباليد قدرة الله تعالى وتصرفه فيه إشارة إلى أن إرادته وتصرفه مغموران في