لا تظلم وهذا نوع شريف من أنواع البديع يسمى تعليقا ثم بين وجه النهي بقوله (فإنها تحمل على الغمام) أي يأمر الله برفعها حتى تجاوز الغمام أي السحاب الأبيض حتى تصل إلى حضرته تقدس وقيل الغمام شئ أبيض فوق السماء السابعة فإذا سقط لا تقوم به السماوات السبع بل يتشققن قال الله تعالى * (ويوم تشقق السماء بالغمام) * وعلى هذا فالرفع والغمام حقيقة ولا مانع من تجسيم المعاني كما مر لكن الذي صار إليه القاضي الحمل على المجاز حيث قال استأنف لهذه الجملة لفخامة شأن دعاء المظلوم واختصاصه بمزيد قبوله ورفعه على الغمام وفتح أبواب السماء له مجاز عن إثارة الآثار العلوية وجمع الأسباب السماوية على انتصاره بالانتقام من الظالم وإنزال البأس عليه وقوله (يقول الله وعزتي وجلالي لأنصرنك) بلام القسم ونون التوكيد الثقيلة وفتح الكاف أي لأستخلصن لك الحق ممن ظلمك وفتح الكاف هو ما اقتصر عليه جمع فإن كان الرواية فهو متعين وإلا فلا مانع من الكسر أي لأستخلصن لصاحبك وتجسد المعاني وجعلها بحيث تعقل لا مانع منه (ولو بعد حين) أي أمد طويل بل دل به سبحانه على أنه يمهل الظالم ولا يهمله * (وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد) * وقد جاء في بعض الآثار أنه كان بين قوله قد أجيبت دعوتكما وغرق فرعون أربعون عاما ووقوع العفو عن بعض أفراد الظلمة يكون مع تعويض المظلوم فهو نصر أيضا وفيه تحذير شديد من الظلم وأن مراتعه وخيمة ومصائبه عظيمة قال:
نامت جفونك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم والحين الزمان قل أو كثر والمراد هنا الزمان المطلق نحو * (ولتعلمن نبأه بعد حين) (ص: 88) (طب والضياء) في المختارة وابن أبي عاصم والخرائطي في مساوي الأخلاق عن خزيمة بن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه (عن) جده (خزيمة) بخاء وزاي معجمتين مصغر (ابن ثابت) بن فاكه الخطمي بفتح المعجمة المدني ذي الشهادتين من كبار الصحابة شهد أحدا وما بعدها وقتل مع علي بصفين قال الهيتمي: وفيه من لا أعرفه انتهى وأقول فيه سعد بن عبد الحميد أورده الذهبي في الضعفاء، وقال فحش خطؤه قاله ابن حبان وضعفه غيره أيضا ولم يترك لكن قال المنذري لا بأس بإسناده في المتابعات.
149 - (اتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى السماء) بالمعنى المقرر فيما قبله (كأنها شرارة) كناية عن سرعة الوصول لأنه مضطر في دعائه وقد قال سبحانه وتعالى * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه) * وكلما قوي الظلم قوي تأثيره في النفس فاشتدت ضراعة المظلوم فقويت استجابته والشرر ما تطاير من النار في الهواء شبه سرعة صعودها بسرعة طيران الشرر من النار (ك) من حديث عاصم بن كليب عن محارب وكذا الديلمي (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال عاصم احتج به مسلم وأقره الذهبي في التلخيص لكن أورد عاصما هذا في الضعفاء وقال قال ابن المديني لا يحتج