فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٩٢
بلقا لها أجنحة تطير بها وترد ماء كذا فقالت الشياطين نحن لها فصبوا في البين التي تردها الخمر فشربت فسكرت فربطوها وساسوها حتى استأنست فجائز أن يكون هذا الفرس من ذلك النوع (جاءني بها جبريل) وفي رواية إسرافيل ولا تعارض لأن المجئ إذا كان متعددا فظاهر وإلا فالجائي به جبريل وصحبته إسرافيل خيره بين أن يكون نبيا عبدا أو نبيا ملكا فاختار الأول وترك التصرف في خزائن الأرض فعوض التصرف في خزائن السماء برد الشمس بعد غروبها وشق القمر ورجم النجوم واختراق السماوات وحبس المطر وإرساله وإرسال الرياح وإمساكها وتظليل الغمام وغير ذلك من الخوارق (عليه) أي جبريل ويحتمل الفرس (قطيفة) أي مجلل بقطيفة عظيمة كساء مربع له خمل (من سندس) بالضم ديباج رقيق وهو معرب اتفاقا وحكمة كون الحامل فرسا الإشارة إلى أنه أوتي العز إذ الخيل عز كما جاء في عدة أخبار سيجئ بعضها وكونه أبلق ولم يكن لونا واحدا إشارة إلى استيلاء أمته على خزائن جميع ملوك الطوائف من أحمر وأسود وأبيض على اختلاف ألوانها وأشكالها وقد صرح الزمخشري بما محصوله أن الخزائن في هذا وما أشبهه من قبيل التمثيل والاستعارة ففي الكشاف في قوله سبحانه وتعالى * (وإن من شئ إلا عندنا خزائنه) * ذكر الخزائن تمثيل والمعنى وما من شئ ينتفع به العباد إلا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه والإنعام به فضرب الخزائن مثلا لاقتداره على كل مقدور عليه فتكون المقاليد والفرس كذلك (حم حب والضياء) المقدسي (عن جابر) بن عبد الله قال الهيتمي: رجال أحمد رجال الصحيح انتهى وفيه رد على ابن الجوزي حيث زعم أن الحديث لا يصح من جميع طرقه.
159 - (أثبتكم على الصراط) المضروب على جسر جهنم من غير زلة قدم: أي على المرور عليه (أشدكم حبا لأهل بيتي) علي وفاطمة وابناهما وذريتهما أو نساؤه وأولاده المرادون بقوله تعالى * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) * (ولأصحابي) من اجتمع به مؤمنا ومات على ذلك لأن محبتهم إنما تنشأ عن محبة متبوعهم ومن أحب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحبه الله وأمنه عند المخاوف، وتتفاوت درجات محبتهم بحسب تفاوت المعرفة والإيمان كما تتفاوت درجات الأغنياء بقلة المال وكثرته والمعارف بالأنوار، ولا يمر المؤمنون على الصراط إلا بأنوار يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم. قال حجة الإسلام: ومرورهم عليه على قدر نورهم فمنهم من يمر كطرف العين ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالسحاب ومنهم كانقضاض الكواكب ومنهم كالفرس ودون ذلك ويحتمل أن يراد بالصراط دين الإسلام: أي أثبتكم وأكملكم فيه أشدكم حبا إلخ. فينتج من هذا أن محبة الآل والأصحاب دليل على كمال الإيمان والمعرفة والمراد حب لا يؤدي لمحذور أو منهي عنه شرعا. (عد فر) وكذا أبو نعيم (عن علي) أمير المؤمنين لم يرمز له بشئ وهو ضعيف وسببه أن فيه الحسين بن علان قال في اللسان عن أصله كابن الجوزي وضع حديثا عن أحمد بن حماد وقاسم بن بهرام ووهاه ابن حبان.
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة