فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٢٩
عنها من قبيل الانبساط مع المحبوب ولأجل زيادة التوجه والانتظار قال: (قلت) في رواية فقلت: (الله أعلم) أي من كل عالم وفيه رد على من كره أن يقال: والله أعلم مطلقا أو عقب ختم نحو الدرس ولا إبهام فيه خلافا لزاعمه بل هو في غاية التفويض المطلوب وحسبك في الرد عليه قوله سبحانه * (الله أعلم حيث يجعل رسالته) * وقد قال الإمام علي كرم الله وجهه: وأبردها على كبدي إذا سئلت عما لا أعلم أن أقول الله أعلم ولا يعارضه ما في البخاري أن عمر سأل الصحب عن سورة النصر فقالوا الله أعلم فغضب وقال قولوا نعلم أو لا نعلم لأنه فيمن جعل الجواب له ذريعة إلى عدم إخباره عما سئل عنه وهو يعلم (قال لا أذكر) مجهول المتكلم (إلا ذكرت) مجهول المخاطب (معي) أي كثيرا أو عادة أو في مواطن معروفة كالخطب والتشهد والتأذين فلا يصح شئ منها من أحد حتى يشهد أنه رسوله شهادة تيقن، وأي رفع أعظم من ذلك؟ وبتأمله يعرف اندفاع الاستيعاب بأن الشهادة الثانية قد لا تذكر فتدبر (ع حب) وابن عساكر والرهاوي في الأربعين (والضياء) المقدسي (في) كتاب (المختارة) مما ليس في الصحيحين (عن أبي سعيد) الخدري، ورواه عنه الطبراني باللفظ المذكور، قال الهيتمي: وإسناده حسن.
84 - (أتاني جبريل) قال في الربيع ويقال له طاوس الملائكة وكان هذا الإتيان في المدينة كما ذكره ابن الأثير (في خضر) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين لباس أخضر وروي بسكون الضاد ممدودا ذكره الهروي كالقاضي (تعلق) بمثناة فوقية فمهملة فلام مشددة فقاف مفتوحات (به) أي الخضر (الدر) بضم المهملة اللؤلؤ العظام أي جاءني في لباس أخضر تعلق به اللؤلؤ العظام بأن تمثل له بتلك الهيئة الحسنة وذلك المنظر البهيج البهي فكان يأتيه على هيئات كثيرة ورآه مرتين بصورته الأصلية بستمائة ناح كل جناح يسد ما بين الخافقين وكان يأتيه بصورة دحية وتمثل بمكة بصورة فحل من الإبل فاتحا فاه ليلتقم أبا جهل. واختلف في هذه التطورات فقيل إن الله يفني الزائد من خلقه وقيل مجرد تخييل للرائي وقيل بالتداخل، وقال الراغب: والخضرة أحد الألوان بين البياض والسواد إلى السواد أقرب فلهذا سمي الأسود أخضر وعكسه وقيل سواد العراق للموضع الذي تكثر فيه الخضرة فإن قلت: هل لتمثله له في لباس أخضر دون غيره من الألوان من حكمة؟ قلت: أجل وهي الإشارة إلى أنه كثير الخير والبركة وأن بينه وبينه مودة متأكدة وصداقة ثابتة وهي في كل وقت متجددة وإن ذلك العام عام خصب وربيع، ألا ترى إلى قول الزمخشري من المجاز فلان أخضر كثير الخير والأمر بيننا أخضر جديد لم يخلق والمودة بيننا خضراء؟ انتهى (قط في) كتاب (الإفراد) وكذا أبو الشيخ في العظمة (عن ابن مسعود) وضعفه.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة