فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٢٦
لو كانت محبطة موازنة أو غيرها لزم أن لا تبقى لبعض الزناة أو السراق طاعة والقائل بالاحباط يحيل دخول الجنة وبما تقرر آنفا علم أن جواب أن محذوف لدلالة الواو عليه لأنها ترد الكلام على أوله ولو سقطت الواو لكان الزنا والسرقة شرطا في دخول الجنة فالمعنى وإن زنى وإن سرق لم يمنعه ذلك من دخولها، ثم إن في اختلاف هذا الحديث وما قبله زيادة ونقصانا وتقديما وتأخيرا مع اتحاد الصحابي إما لأنه سمعه من المصطفى مرتين كذلك أو حكاه بلفظه مرة وبمعناه أخرى وسكت عن الخمر في إحدى الروايتين سهوا أو لعروض شاغل (تتمة) سئل شيخ الطائفة الجنيد: هل يسرق العارف؟ قال: لا، قيل: فهل يزني؟ فأطرق مليا ثم قال: * (وكان أمر الله قدرا مقدورا) *. (تنبيه) قال بعض المحققين: قد تتخذ البطلة أمثال هذه الأخبار ذريعة إلى طرح التكاليف وإبطال العمل ظنا أن ترك الشرك كاف وهذا يستلزم طي بساط الشريعة وإبطال الحدود وأن الترغيب في الطاعة والترهيب من المعصية لا أثر له فتفضي إلى الانخلاع من الدين وانفكاك قيد الشريعة والخروج عن الضبط والولوج في الخبط وترك الناس سدى هملا وذلك مفض إلى خراب الدنيا والآخرة مع أن قوله في بعض طرق الحديث " أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا " يتضمن اشترط العمل فيجب ضم بعض الأحاديث إلى بعض فإنها كالحديث الواحد فيحمل مطلقها على مقيدها انتهى. وهذه قعقعة لا حاجة إليها مع ما قررناه أنفا أن كل من مات مؤمنا دخل الجنة فإن كان تائبا أو سليما من المعاصي دخلها وحرم على النار وإلا فيقطع بدخوله الجنة آخرا وحاله قبل ذلك في خطر المشيئة إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه كما قال النووي أنه مذهب أهل السنة، قال الطيبي: وهو قانون عظيم في الدين وعليه مبني قواعد الجماعة أن الحسن والقبح شرعيان وأن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد - (ق عن أبي ذر) قال: واللفظ للبخاري. سببه " كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرة بالمدينة فاستقبلنا أحدا فقال: يا أبا ذر ما يسرني أن عندي مثل هذا ذهبا يمضي علي ثلاث وعندي منه دينار إلا شئ أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وشماله وخلفه ثم قال: مكانك لا تبرح حتى آتيك ثم انطلق في سواد الليل حتى توارى فسمعت صوتا قد ارتفع فتخوفت أن يكون أحد عرض له فأردت أن أتبعه فذكرت قوله لا تبرح فلم أبرح حتى أتاني فقلت: سمعت صوتا تخوفت منه قال: وهل سمعته قلت: نعم قال:
ذاك جبريل أتاني " فذكره.
79 - (أتاني جبريل) في حجة الوداع (فقال يا محمد كن عجاجا) رافعا صوتك بالتلبية (ثجاجا) بالتشديد فيهما سيالا لدماء الهدي بأن تنحرها أو المراد الأمر بالحج نفسه أي حج الحج الذي فيه العج الثج وأراد بهما الاستيعاب فابتدأ بالإحرام الذي هو الإهلال وختم بالتحلل الذي هو إهراق دماء الهدي فاقتصر بالمبدأ والمنتهى عن جميع الأعمال. والمعنى كن حاجا حجا تستوعب فيه جميع أعماله من أركان وشروط وآداب. أفاده بعض الأعاظم. (حم والضياء) المقدسي وكذا الطبراني وابن لآل والديلمي (عن
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة