حتى خرجوا إلى جزيرة فإذا هم بشئ أسود أهلب كثير الشعر لا يدرون هو رجل أو امرأة قالوا له: ما أنت؟ قالت: أنا الجساسة قالوا: أخبرينا ما أنت، قالت: ما أنا بمخبرتكم شيئا ولا سائلتكم ولكن هذا الدير قد رمقتموه فأتوه فان فيه رجلا بالأشواق إلى أن تخبروه ويخبركم، فانطلقوا حتى أتوا الدير فاستأذنوا فأذن لهم فدخلوا عليه، فإذا هم بشيخ موثوق شديد الوثاق يظهر الحزن، شديد التشكي، فسلموا عليه فرد عليهم السلام، فقال لهم: من أين أنتم؟
قالوا: من الشام، قال: من أنتم؟ قالوا: من العرب، قال: ما فعلت العرب؟ خرج نبيهم بعد؟ قالوا: نعم، قال: ما فعل هذا الرجل الذي خرج فيكم؟ قالوا خيرا، ناواه قومه دينه فأظهره الله عليه فأمرهم أن يعبدوا الله، فيهم اليوم في جميع إلههم واحد ودينهم واحد، قال: ذاك خير لهم، قال: ما فعلت عين زغر؟ قالوا خيرا، يسقون منها زرعهم ويستقون منها لسقيهم: قال: ما فعل نخل بين عمان وبيسان؟ قالوا: يطعم ثمره كل عام، قال: ما فعلت بحيرة الطبرية؟ قالوا: ملاى تدفق جنباتها من كثيرة الماء، فزفر ثلاث زفرات ثم قال: لو انفلت من وثاقي هذا لم أدع أرضا إلا وطئتها برجلي هاتين إلا طيبة، ليس لي عليها سبيل ولا سلطان