فإن قيل المتقن إن أردت به الموافق للمصلحة من جميع الوجوه فممنوع إن فعله تعالى متقن إذ لا شيء من مفردات العالم ومركباته إلا ويشتمل على مفسدة ما ويتضمن خللا ويمكن تصوره على وجه أكمل مما هو عليه أو الموافق للمصلحة من بعض الوجوه فلا يدل على العلم إذ ما من أثر إلا ويمكن أن ينتفع به منتفع سواء كان مؤثرا عالما أو لا كإحراق النار وتبريد الماء أو أمرا ثالثا فبينه لنا ما هو وكيف يدل على علم الفاعل ونقول أيضا أنه أي دليلك على إثبات علمه منقوض بفعل النحل لتلك البيوت المسدسة المتساوية بلا فرجار ومسطر واختيارها للمسدس لأنه أوسع من المثلث والمربع والمخمس ولا يقع بينها أي بين المسدسات فرج كما يقع بين المدورات وما سواها من المضلعات وهذا الذي ذكرناه لا يعرفه إلا الحذاق من أهل الهندسة وكذلك العنكبوت تنسج تلك البيوت وتجعل لها سدى ولحمة على تناسب هندسي بلا آلة مع أنه لا علم لهما بما يصدر عنهما وما يتضمنه من الحكم والجواب عن الأول أن المراد بالمتقن ما نشاهده من الصنيع الغريب والترتيب العجيب الذي تتحير فيه العقول ولا تهتدي إلى كمال ما فيه من المصالح والمنافع ولا شك في دلالته على علم الصانع وتوضيحه ما ذكرنا في مثال الكتابة والخطاب إذ لا يشترط في الدلالة على العلم خلوه عن كل خلل واشتماله على كل كمال حتى لو أمكن أن يكتب أحسن منه أو يتكلم بأفصح منه لم يدل على علم والجواب عن الثاني أنا لا نسلم عدم علم النحل والعنكبوت بما يفعله لجواز أن يخلق الله تعالى فيهما علما بذلك الفعل الصادر عنهما أو يلهمهما حالا فحالا ما هو مبدأ لذلك الفعل الصادر منهما المسلك الثاني إنه تعالى قادر لما مر وكل قادر فهو عالم لأن
(١٠١)