المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ١٠٥
والنسبة لا تكون إلا بين شيئين متغايرين هما طرفاها بالضرورة ونسبة الشيء إلى نفسه محال إذ لا تغاير هناك والجواب منع كون العلم نسبة محضة بل هو صفة حقيقة ذات نسبة إلى المعلوم ونسبة الصفة إلى الذات ممكنة فإن قيل تلك الصفة تقتضي نسبة بين العالم والمعلوم فلا يجوز أن يكونا متحدين قلنا هي تقتضي نسبة بينها وبين المعلوم ونسبة أخرى بينها وبين العالم وهما ممكنتان كما عرفت وأما النسبة بين العالم والمعلوم فهي بعينها النسبة الأولى من هاتين المذكورتين اعتبرت بالعرض فيما بينهما فلا إشكال سلمناه أي كون العلم نسبة محضة بين محله ومتعلقه لكن لا نسلم أن الشيء لا ينسب إلى ذاته نسبة علمية فإن التغاير الاعتباري كاف لتحقق هذه النسبة وكيف لا يكون كذلك وأحدنا يعلم نفسه مع عدم التغاير بالذات لا يقال ذلك أي علمنا بذواتنا جائز لتركيب في أنفسنا بوجه من الوجوه أي سواء كان تركيبا خارجيا أو ذهنيا وكلامنا في الواحد الحقيقي الذي لا تكثر فيه أصلا فلو كان عالما بذاته لزم تحقق النسبة بين الشيء ونفسه قطعا بخلاف المركب إذ فيه كثرة يمكن أن يتصور بينها نسبة فلا يتجه النقض به لأنا نقول أحدنا على تقدير علمه بنفسه لو كان له نسبة إلى كل جزئية فقد حصل المطلوب إذ قد تحقق النسبة بينه وبين جميع أجزائه وهو عينه وإلا فلا يعلم إلا أحد جزئيه فيكون العالم غير المعلوم لأن الجزء غير الكل فلا يعلم نفسه والمفروض خلافه فإن قلت من أين ثبت التغاير الاعتباري المصحح للنسبة قلت من حيث أن ذات الشيء باعتبار صلاحيتها للمعلومية في الجملة مغايرة لها باعتبار صلاحيتها للعالمية في الجملة وهذا القدر من التغاير يكفينا الثانية من تلك الفرق من قال من قدماء الفلاسفة إنه لا يعلم شيئا أصلا وإلا علم نفسه إذ يعلم على تقدير كونه عالما بشيء أنه يعلمه وذلك يتضمن علمه بنفسه وقد بينا امتناعه في مذهب الفرقة الأولى لا يقال لا نسلم أن من علم شيئا علم أنه عالم به وإلا لزم من العلم بشيء العلم
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»