الرابع لو كان ذا علم لكان فوقه عليم واللازم باطل اتفاقا بيان الملازمة قوله تعالى * (وفوق كل ذي علم عليم) * والجواب المعارضة بقوله * (وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه) * " ولا يحيطون بشيء من علمه " * (إن الله عنده علم الساعة) * كيف وأنه لفظي يقبل التخصيص الشرح المقصد الثالث في علمه تعالى وفيه بحثان البحث الأول في إثباته وهو متفق عليه بيننا وبين الحكماء وإنما نفاه شرذمة من قدماء الفلاسفة لا يعبأ بهم وسنذكره لكن المسلك في إثبات كونه تعالى عالما مختلف أما المتكلمون فلهم مسلكان الأول أن فعله تعالى متقن أي محكم خال عن وجوه الخلل ومشتمل على حكم ومصالح متكثرة وكل من فعله متقن فهو عالم أما الأول أعني اتقان فعله فظاهر لمن نظر في الآفاق والأنفس وتأمل ارتباط العلويات بالسفليات سيما إذا تأمل في الحيوانات وما هديت إليه من مصالحها وأعطيت من الآلات المناسبة لها ويعين على ذلك علم التشريح ومنافع خلقة الإنسان وأعضائه التي قد كسرت عليها المجلدات وأما الثاني وهو أن من كان فعله متقنا كان عالما فضروري وينبه عليه أن من رأى خطا حسنا يتضمن ألفاظا عذبة رشيقة تدل على معان دقيقة مؤنقة علم بالضرورة أن كاتبه عالم وكذلك من سمع خطابا منتظما مناسبا للمقام من شخص يضطر إلى أن يجزم بأنه عالم
(١٠٠)