المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ١٠٢
القادر هو الذي يفعل بالقصد والاختيار ولا يتصور ذلك إلا مع العلم لا يقال كون كل قادر عالما ممنوع إذ قد يصدر عن النائم والغافل مع كونهما قادرين عند المعتزلة وكثير من الأشاعرة فعل قليل متقن اتفاقا وإذا جاز ذلك جاز صدور الكثير عنه لأن حكم الشيء حكم مثله ولا عبرة بالقلة والكثرة لأنا نقول لا نسلم الملازمة إذا الضرورة فارقة فإنها تجوز صدور قليل من المتقن عن قادر غير عالم ولا تجوز صدور كثير عنه وأما من جعل النوم ضدا للقدرة فالسؤال ساقط عنه وأما الحكماء فلهم في إثبات علمه تعالى أيضا مسلكان المسلك الأول إنه مجرد أي أوليس جسما ولا جسمانيا كما مر في التنزيهات وكل مجرد فهو عاقل لجميع الكليات وقد برهنا فيما سلف على المقدمتين المسلك الثاني إنه تعالى يعقل ذاته وإذا عقل ذاته عقل ما عداه أما الأول فلأن التعقل حضور الماهية المجردة عن العلائق المادية للشيء المجرد القائم بذاته وهو حاصل في شأنه لأن ذاته مجردة غير غائبة عن ذاته فيكون عالما بذاته وأما الثاني فلأنه مبدأ لما سواه أي لجميعه إما بواسطة أو بدونها والعلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول فيكون عالما بذاته وبجميع معلولاته ويرد على المسلك الأول منع الكبرى القائلة بأن كل مجرد عاقل للمفهومات الكلية وبرهانه الذي تمسكوا به قد مر ضعفه ويرد على المسلك الثاني أنا لا نسلم أن التعقل ما ذكرتم وتعريفه بذلك
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»