المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٩٠
توأمين أحدهما في غاية السعادة والآخر في غاية الشقاوة ولا يمكن أن يحال بذلك على ما بينهما من التفاوت في وقت الولادة لأن التفاوت بقدر درجة واحدة لا يوجب تغير الأحكام عندهم باتفاق فيما بينهم وسيما إذ قام البرهان على نقيضه فإن البراهين العقلية والنقلية شاهدة بأن لا مؤثر في الوجود إلا الله كيف ونقول لهم ما أثبتموه من الأحكام لا يستتب لكم على قواعدكم لأنكم قد ادعيتم أن الأفلاك بسيطة فأجزاؤها متساوية في الماهية فلا يمكن حينئذ جعل درجة حارة أو نيرة أو نهارية وجعل درجة أخرى باردة أو مظلمة أو ليلية إلا تحكما بحتا وكذا الحال في جعل بعض البروج بيتا لكواكب وبعضها بيتا لكواكب أخر وفي جعل بعض الدرج شرفا وبعضها وبالا إلى غير ذلك من الأمور التي تدعونها فإنها كلها على تقدير البساطة تحكمات محضة ثم نردد ونقول إن الفلك إن كان بسيطا فقد بطلت الأحكام التي تزعمونها لما ذكرناه وإلا بطل علم الهيئة إذ مبناه أن الفلك بسيط فحركاته بسيطة متشابهة في أنفسها فالحركات المختلفة والمشاهدة والمرصودة منها تقتضي محركات مختلفة على أوضاع متفاوتة تكون حركة كل منها وحدها متشابهة غير مختلفة ويلزم منها حركات متخالفة كما عرفت وإذا بطلت الهيئة بطلت الأحكام النجومية لأنها مبنية عليها على الهيئات المتخيلة لهم وإلا فلا أوج ولا حضيض ولا وقوف ولا رجوع فكيف يثبت لها أحكام مترتبة عليها لا يقال الأفلاك وإن كانت بسيطة متساوية الأجزاء في الماهية فالبروج مكوكبة بالثوابت المتخالفة في الطبائع والعبرة في تلك الأحكام ليست بنفس البروج المتوافقة الطبيعة بل بقرب كواكبها الثابتة من السيارات وبعدها عنها ومسامتتها وعدمها فمدار الأحكام المختلفة على اختلاف أوضاع الكواكب السيارة بحركاتها من الثوابت المركوزة في البروج لأنا نقول البروج كما علمت تعتبر من الفلك الأطلس الذي لا كوكب فيه على
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»