المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٥٠٣
لم يعبده أبدا ولا يخفى فساده لأنه إلغاء للطاعات بالكلية ومناف للعمومات الدالة على ثواب الإيمان والعمل الصالح قال الآمدي إذا اجتمع في المؤمن طاعات وزلات فإجماع أهل الحق من الأشاعرة وغيرهم أنه لا يجب على الله ثوابه ولا عقابه فإن أثابه فبفضله وإن عاقبه فبعدله بل له إثابة العاصي وعقاب المطيع أيضا وذهبت المرجئة إلى أن الإيمان يحبط الزلات فلا عقاب على زلة مع الإيمان كما لا ثواب لطاعة مع الكفر وقالت المعتزلة إن كبيرة واحدة تحبط ثواب جميع الطاعات وإن زادت على زلاته وذهب الجبائي وابنه إلى رعاية الكثرة في المحبط وزعما أن من زادت طاعاته على زلاته أحبطت عقاب زلاته وكفرتها ومن زادت زلاته على طاعاته أحبطت ثواب طاعاته ثم اختلفا فقال الجبائي إذا زادت الطاعات أحبطت الزلات بأسرها من غير أن ينقص من ثواب الطاعات شيء وإذا زادت أحبطت الطاعات برمتها من غير أن ينقص من عقاب الزلات شيء وقال الإمام الرازي مذهب الجبائي أن الطارىء من الطاعات أو المعصية يبقى بحاله ويسقط من السابق بقدره ومذهب ابنه أنه يقابل أجزاء الثواب بأجزاء العقاب فيسقط المتساويان ويبقى الزائد وعلى هذا يحمل قوله وقال الجبائي يحبط من الطاعات أي السابقة بقدر المعاصي الطارئة من غير أن ينقص من المعاصي شيء أصلا فإن بقي له من تلك الطاعات زائد على قدر المعاصي أثيب به وإلا فلا ولا يخفى أنه تحكم وليس إبطال الطاعات بالمعاصي أي إبطال قدر من الطاعات السابقة بمساويه من المعاصي الطارئة أولى من العكس لأنه إبطال أحد المتساويين بالآخر بل العكس ههنا أولى لما مر من أن الحسنة تجزى بعشر أمثالها والسيئة لا تجزى إلا بمثلها
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»