وقال أبو هاشم بل يوازن بين طاعاته ومعاصيه فإيهما رجح أحبط الآخر وينحبط من الراجح أيضا ما يساوي مقدار المرجوح ويبقى الزائد فيكون الراجح حينئذ قد أحبط المرجوح على هذا الوجه الذي لا يستلزم ترجيح أحد المتساويين على الآخر ولما أبطلنا الأصل الذي هو استحقاق العقاب والثواب بالمعصية والطاعة بطل الفرع المبني عليه وهو الإحباط مطلقا سواء كان بطريق الموازنة أو غيرها ثم نقول لهم أي للبهشمية كل واحد من الاستحقاقين المتساويين لو أبطل الآخر فإما معا فيكون الشيء موجودا حال كونه معدوما لأن وجود كل منهما يقارن عدم الآخر فيلزم عدمهما معا حال وجودهما معا أو لا معا بل ينعدم أحدهما فيبطل الآخر ثم يكر الآخر عليه فيغلبه وأنه باطل لأنه لما كان قاصرا عن الغلبة قبل حتى صار مغلوبا فكيف لا يكون قاصرا عنها إذا صار مغلوبا وقد يجاب بأن كل واحد من العلمين يؤثر في الاستحقاق الناشئ من الآخر حتى يبقى من أحد الاستحقاقين بقية بحسب رجحانه فليس الكاسر والمنكسر واحدا كما لم يتحدا في المزاج أيضا تذنيب قد اتفق المعتزلة أي الجبائيان وأتباعهما على أنه لا يتساوى الثواب والعقاب أي لا يتساوى الطاعات والزلات وإلا تساقطا إذ لا يجوز بقاؤهما معا لما مر من التنافي بين الثواب والعقاب وبين استحقاقيهما أيضا ولا يجوز إسقاط أحدهما بالآخر لتساويهما فرضا وإذا تساقطا معا فلا يكون
(٥٠٤)