وثالثها أن يستديم الندم على الذنب المتوب عنه في جميع الأوقات وهي عندنا غير واجبة فيها أي في صحة التوبة أما رد المظالم والخروج عنها برد المال أو الاستبراء عنه أو الاعتذار إلى المغتاب واسترضائه إن بلغه الغيبة ونحو ذلك فواجب برأسه لا مدخل له في الندم على ذنب آخر قال الآمدي إذا أتى بالمظلمة كالقتل والضرب مثلا فقد وجب عليه أمران التوبة والخروج عن المظلمة وهو تسليم نفسه مع الإمكان ليقتص منه ومن أتى بأحد الواجبين لم تكن صحة ما أتى به متوقفة على الإتيان بالواجب الآخر كما لو وجب عليه صلاتان فأتى بإحديهما دون الأخرى وأما أن لا يعاود أصلا إلى ما تاب عنه فلأن الشخص قد يندم على الأمر زمانا ثم يبدو له والله تعالى مقلب القلوب من حال إلى حال قال الآمدي التوبة مأمور بها فتكون عبادة وليس من شرط صحة العبادة المأتي بها في وقت عدم المعصية في وقت آخر بل غايته أنه إذا ارتكب ذلك الذنب مرة ثانية وجب عليه توبة أخرى عنه وأما استدامة الندم في جميع الأزمنة فلأن النادم إذا لم يصدر عنه ما ينافي ندمه كان ذلك الندم في حكم الباقي لأن الشارع أقام الحكمي أي الأمر الثابت حكما مقام ما هو حاصل بالفعل كما في الإيمان فإن النائم مؤمن بالاتفاق ولما في التكليف بها أي باستدامة الندم من الحرج المنفي عن الدين قال الآمدي يلزم من ذلك اختلال الصلوات وباقي العبادات وأن لا يكون بتقدير عدم استدامة الندم وتذكره تائبا وأن تجب عليه إعادة التوبة وهو خلاف الإجماع قال ومهما صحت التوبة ثم تذكر الذنب لم يجب عليه تجديد
(٥١٤)