وقال كثير منهم لا نقطع بعفوه عن الكبائر بلا توبة بل نجوزه لنا على ما اختاره جمهورنا وجهان الأول أن العفو من لا يعذب على الذنب مع استحقاقه أي استحقاق العذاب ولا يقولون يعني المعتزلة به أي بذلك الاستحقاق في غير صورة النزاع إذ لا استحقاق بالصغائر أصلا ولا بالكبائر بعد التوبة فلم يبق إلا الكبائر قبلها فهو يعفو عنها كما ذهبنا إليه الثاني الآيات الدالة عليه أي على العفو عن الكبيرة قبل التوبة نحو قوله تعالى * (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * فإن ما عدا الشرك داخل فيه ولا يمكن التقييد بالتوبة لأن الكفر مغفور معها فيلزم تساوي ما نفي عنه الغفران وما ثبت له وذلك مما لا يليق بكلام عاقل فضلا عن كلام الله تعالى وقوله * (إن الله يغفر الذنوب جميعا) * فإنه عام للكل فلا يخرج عنه إلا ما أجمع عليه وقوله تعالى * (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم) * والتقرير ما ذكرناه آنفا إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة
(٥٠٧)