المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٥٠٠
كونه متأذيا بها كما خلقها في السمندر مع عدم التأذي بها وهو حيوان مأواه النار الثالث منها النار يجب إفناؤها الرطوبة بالتجربة قليلا قليلا فتنتهي الحال بالآخرة إلى عدمها لكونها متناهية وحينئذ تتفتت الأجزاء التي كانت متماسكة بتلك الرطوبة فلا تبقى الحياة فلا يدوم العقاب الجواب فناء الرطوبة بالنار غير واجب عندنا بل هو بإفناء الله تعالى إياها بقدرته وقد لا يفنيها أو يفنيها ويخلق بدلها مثلها فلا تتفتت الأجزاء بل تدوم الحياة قال الجاحظ وعبد الله بن الحسن العنبري هذا الذي ذكرناه من دوام العذاب إنما هو في حق الكافر المعاند والمقصر وأما المبالغ في اجتهاده إذا لم يهتد للإسلام ولم تلح له دلائل الحق فمعذور وعذابه منقطع وكيف يكلف مثل هذا الشخص بما أوليس في وسعه من تصديق النبي صلى الله عليه وسلم وكيف يعذب بما لم يقع فيه تقصير من قبله واعلم أن الكتاب والسنة والإجماع المنعقد قبل ظهور المخالفين يبطل ذلك بل نقول هو مخالف لما علم من الدين ضرورة إذ يعلم قطعا أن كفار عهد الرسول الذين قتلوا وحكم بخلودهم في النار لم يكونوا عن آخرهم معاندين بل منهم من يعتقد الكفر بعد بذل المجهود ومنهم من بقي على الشك بعد إفراغ الوسع لكن ختم الله على قلوبهم ولم يشرح صدورهم للإسلام فلم يهتدوا إلى حقيقته ولم ينقل عن أحد قبل المخالفين هذا الفرق الذي ذكره الجاحظ والعنبري
(٥٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 ... » »»