أن يكون من غلب عقله طبيعته خيرا من الملائكة احتج الخصم على تفضيل الملائكة بوجوه عقلية ونقلية أما العقلية فستة الأول الملائكة أرواح مجردة عن علائق المادة وتوابعها فليس شيء من أوصافها بالقوة بل كمالاتها كلها بالفعل في مبدأ الفطرة بخلاف السفليات أي النفوس الناطقة الإنسانية فإنها في ابتداء فطرتها خالية عن كمالاتها وإنما يحصل لها منها ما يحصل على سبيل التدريج والانتقال من القوة إلى الفعل والتام أكمل من غيره الثاني الروحانيات متعلقة بالهياكل العلوية الشريفة المبرأة عن الفساد وهي الأفلاك والكواكب المدبرة لما في عالمنا هذا باتصالاتها وأوضاعها والنفوس الإنسانية متعلقة بالأجسام السفلية الكائنة الفاسدة ونسبة النفوس كنسبة الأجساد الثالث الروحانيات مبرأة عن الشهوة والغضب وهما المبدأ للشرور والأخلاق الذميمة كلها الرابع الروحانيات نورانية لطيفة لا حجاب فيها عن تجلي الأنوار القدسية فهي أبدا مستغرقة في مشاهدة الأنوار الربانية والجسمانيات مركبة من المادة والصورة والمادة ظلمانية مانعة عن تلك المشاهدة المستمرة الخامس الروحانيات قوية على أفعال شاقة كالزلازل والسحب فإن الزلازل توجد بتحريكاتها والسحاب يعرض ويزول بتصريفاتها والآثار العلوية تحدث بمعوناتها وقد نطق به الكتاب الكريم حيث قال * (فالمقسمات أمرا) * وقال * (فالمدبرات أمرا) * لا يلحقها بذلك فتور لأن قدرتهم
(٤٦٠)