الامتناع إلى الوجود وفيه مخالفة لبديهية العقل وإغناء للحوادث عن المحدث وسد لباب إثبات الصانع ويمكن أن يقال الإعادة أهون من الابتداء * (وله المثل الأعلى) * لأنه استفاد بالوجود الأول ملكة الاتصاف بالوجود والخصم يدعي الضرورة تارة ويلتجىء إلى الاستدلال أخرى أما الضرورة فقالوا تخلل العدم بين الشيء ونفسه محال بالضرورة فيكون الوجود بعد العدم غير الوجود قبله فلا يكون المعاد هو المبتدأ بعينه وأما الاستدلال فهو من وجوه الأول إنما يكون المعاد معادا بعينه إذا أعيد بجميع عوارضه ومنها الوقت فيلزم أن يعاد في وقته الأول وكل ما وقع في وقته الأول فهو مبتدأ فيكون حينئذ مبتدأ من حيث أنه معاد هذا خلف الجواب إنما اللازم إعادة عوارضه المشخصة والوقت أوليس منها ضرورة أن زيدا الموجود في هذه الساعة هو الموجود قبلها بحسب الأمر الخارجي وما يقال إنا نعلم بالضرورة أن الموجود مع قيد كونه في هذا الزمان غير الموجود مع قيد كونه قبل هذا الزمان فأمر وهمي والتغاير إنما هو بحسب الذهن دون الخارج ويحكى أنه وقع هذا البحث لابن سينا مع أحد تلامذته وكان مصرا على التغاير فقال له إن كان الأمر على ما تزعم فلا يلزمني الجواب لأني غير من كان يباحثك فبهت وعاد إلى الحق واعترف بعدم التغاير في الواقع ولئن سلمنا أن الوقت داخل في العوارض وأنه معاد بوقته الأول فلم قلتم إن الواقع في وقته الأول يكون مبتدأ وإنما يكون كذلك أن لو لم يكن وقته معادا معه
(٤٦٧)