لأنا نقول قوله * (أرأيتك هذا الذي كرمت علي) * و * (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) * يدل على أنه إسجاد تكرمة وتفضيل وينفي سائر الاحتمالات إذ لم يتقدم هناك ما يصرف إليه التكريم سوى الأمر بالسجود الثاني قوله تعالى * (وعلم آدم الأسماء كلها) * إلى قوله * (قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا) * فإنه يدل على أن آدم علم الأسماء كلها ولم يعلموها والعالم أفضل من غيره لأن الآية سيقت لذلك ولقوله تعالى * (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) * الثالث أن للبشر عوائق عن العبادة من شهوته وغضبه وحاجاته الشاغلة لأوقاته وليس للملائكة شيء من ذلك ولا شك أن العبادة مع هذه العوائق أدخل في الإخلاص وأشق فتكون أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم (أفضل الأعمال أحمزها) أي أشقها فيكون صاحبها أكثر ثوابا عليها الرابع إن الإنسان ركب تركيبا بين الملك الذي له عقل بلا شهوة والبهيمة التي لها شهوة بلا عقل فبعقله له حظ من الملائكة وبطبيعته له حظ من البهيمة ثم أن من غلب طبيعته عقله فهو شر من البهائم لقوله تعالى * (أولئك كالأنعام بل هم أضل) * وقوله * (إن شر الدواب عند الله) * الآية وذلك يقتضي بطريق قياس أحد الجانبين على الآخر
(٤٥٩)