المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٥
قال ابن عباس رضي الله عنهما نزل القرآن على إياك أعني فاسمعي يا جارة الثاني عشر " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " الجواب شرطية والفائدة في الرجوع إلى أهل الكتاب زيادة قوته وطمأنينته أو لمعرفة كيفية نبوة سائر الأنبياء واعلم أنا إنما طولنا في مثل هذا ليعلم أن مسألة نسيان الأنبياء وتعمدهم الصغائر لا قاطع فيه نفيا أو إثباتا مع قيام الاحتمال العقلي إذ لو فرض نقيضه لم يلزم منه محال لذاته وظهور المعجزة على يده لا دليل فيه على ذلك الشرح المقصد الخامس في عصمة الأنبياء أجمع أهل الملل والشرائع كلها على وجوب عصمتهم عن تعمد الكذب فيما دل المعجز القاطع على صدقهم فيه كدعوى الرسالة وما يبلغونه عن الله إلى الخلائق إذ لو جاز عليهم التقول والافتراء في ذلك عقلا لأدى إلى إبطال دلالة المعجزة وهو محال وفي جواز صدوره أي صدور الكذب عنهم فيما ذكر على سبيل السهو والنسيان خلاف فمنعه الأستاذ أبو إسحق وكثير من الأئمة الأعلام لدلالة المعجزة على صدقهم في تبليغ الأحكام فلو جاز الخلف في ذلك لكان نقضا لدلالة المعجزة وهو ممتنع وجوزه القاضي أبو بكر مصيرا منه إلى عدم دخوله في التصديق المقصود بالمعجزة فإن المعجزة إنما دلت على صدقه فيما هو متذكر له عامد إليه وأما ما كان من النسيان وفلتات اللسان فلا دلالة لها على الصدق فيه فلا يلزم من الكذب هناك
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»