المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٦
نقض لدلالتها وأما سائر الذنوب يعني به ما سوى الكذب في التبليغ فهي إما كفر أو غيره من المعاصي وأما الكفر فأجمعت الأمة على عصمتهم منه قبل النبوة وبعدها ولا خلاف لأحد منهم في ذلك غير أن الأزارقة من الخوارج جوزوا عليهم الذنب وكل ذنب عندهم كفر فلزمهم تجويز الكفر بل يحكى عنهم أنهم قالوا بجواز بعثة نبي علم الله تعالى أنه يكفر بعد نبوته وجوز الشيعة إظهاره أي إظهار الكفر تقية عند خوف الهلاك لأن إظهار الإسلام حينئذ إلقاء للنفس في التهلكة وذلك باطل قطعا لأنه يفضي إلى إخفاء الدعوة بالكلية وترك تبليغ الرسالة إذ أولى الأوقات بالتقية وقت الدعوة للضعف بسبب قلة الموافق أو عدمه وكثرة المخالفين وأيضا ما ذكروه منقوض بدعوة إبراهيم وموسى عليهما السلام في زمن نمرود وفرعون مع شدة خوف الهلاك وأما غير الكفر فإما كبائر أو صغائر وكل منهما إما أن يصدر عمدا وإما أن يصدر سهوا فالأقسام أربعة وكل واحد منها إما قبل البعثة أو بعدها أما الكبائر أي صدورها عنهم عمدا فمنعه الجمهور من المحققين والأئمة ولم يخالف فيه إلا الحشوية والأكثر من المانعين على امتناعه سمعا قال القاضي والمحققون من الأشاعرة أن العصمة فيما وراء التبليغ غير واجبة عقلا إذ لا دلالة للمعجزة عليه فامتناع الكبائر عنهم عمدا مستفاد من السمع وإجماع الأمة قبل ظهور المخالفين في ذلك وقالت المعتزلة بناء على أصولهم الفاسدة في التحسين والتقبيح العقليين ووجوب رعاية الصلاح والأصلح يمتنع ذلك عقلا لأن صدور الكبائر عنهم عمدا يوجب سقوط هيبتهم عن القلوب وانحطاط رتبتهم
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»