المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٣٦٢
ادعى النبي الرسالة واقترنت بدعواه المعجزة الخارقة للعادة وكان المبعوث إليه عاقلا متمكنا من النظر فقد ثبت الشرع واستقر وجوب المتابعة سواء نظر أو لم ينظر فلا يجوز للمكلف الاستمهال ولو استمهل لم يجب الإمهال لجريان العادة بإيجاد العلم عقيب النظر الذي هو متمكن منه وإليه الإشارة بقوله مع العلم العادي الحاصل عن المعجز وأما عند المعتزلة فاللائق بأصلهم في التحسين والتقبيح وإن صرحوا بخلافه منع الإمهال يعني أن المعتزلة اعترفوا بوجوب الإمهال عند الاستمهال فلا محيص لهم عن ذلك الإلزام إلا أن اللائق بقاعدتهم المذكورة منع وجوب الإمهال لأن فيه تفويت مصلحتهم وذلك لأنه يرشدهم إلى المصالح ويحذرهم عن المهالك ويقربهم من السعادة ويبعدهم عن الشقاوة وما هو إلا كمن يقول لولده بين يديك سبع ضار أو مهلك آخر فلا تسلك هذا الطريق فقال الولد دعني أسلكه إلى أن أشاهد السبع أو المهلك أليس ذلك القول من الولد مستقبحا في نظر العقلاء ولو هلك ألم يكن ملوما مذموما ومن منعه ذلك أليس منسوبا إلى فعل ما توجبه الشفقة والحنو وبما قررناه يندفع الإلزام عن أصلهم أيضا الطائفة الثانية من قال البعثة لا تخلو عن التكليف لأنه فائدتها التي لا تخلو هي عنها وأيضا هي لا تخلو عن التكليف باتفاق وإجماع من القائلين بها ثم إن التكليف الذي هو لازمها ممتنع لوجوه الأول ثبت الجبر وعدم الاختيار في الأفعال وذلك لما تبين
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»