الثاني أن من يلقى إليه أي إلى النبي الوحي إن كان جسمانيا وجب أن يكون مرئيا لكل من حضر حال الإلقاء وليس الأمر كذلك كما اعترفتم به وإلا أي وإن لم يكن جسمانيا بل روحانيا كان كذلك أي إلقاء الوحي بطريق التكليم منه مستحيلا إذ لا يتصور للروحانيات كلام الثالث التصديق بها أي بالرسالة يتوقف على العلم بوجود المرسل وما يجوز عليه وما لا يجوز وأنه أي العلم بما ذكر لا يحصل إلا بغامض النظر لأن هذا العلم أوليس ضروريا ولا من النظريات السهلة الحصول كما لا يخفى وهو أي ذلك النظر الموصل إلى هذا العلم غير مقدر بزمان معين كيوم أو سنة بل هو مختلف بحسب الأشخاص وأحوالهم في قوة الفهم وضعفه على مراتب غير منحصرة فللمكلف الاستمهال أي يجوز له أن يستمهل لتحصيل النظر وله دعوى عدم العلم في أي زمان كان وحينئذ يلزم إفحام النبي وتبقى البعثة عبثا وإلا أي وإن لم يجز له الاستمهال بل وجب عليه التصديق بلا مهملة لزم التكليف بما لا يطاق لأن التصديق بالرسالة بدون العلم المذكور مما لا يتصور وجوده وأنه قبيح عقلا فيمتنع صدوره عن الحكيم سبحانه وتعالى وجواب الوجه الأول والثاني أن المرسل ينصب دليلا يعلم به الرسول أن القائل له أرسلتك هو الله تعالى دون الجن بأن يظهر له آيات ومعجزات يتقاصر عنها جميع المخلوقات وتكون مفيده له ذلك العلم أو يخلق علما ضروريا فيه بأنه المرسل والقائل وبهذا يعلم الجواب عن الثاني وهو أن يقال جاز أن يكون الملقي جسمانيا ولا يخلق الله رؤيته في الحاضرين فإن قدرته لا تقصر عن شيء وجواب الثالث أما على أصلنا في التعديل والتجوير فلا يجب الإمهال لأنا بينا فيما سبق أنه إذا
(٣٦١)