المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٣٦٤
الخامس وهو لبعض الصوفية من أهل الإباحة أن التكليف بالأفعال الشاقة البدنية يشغل الباطن عن التفكر في معرفة الله تعالى وما يجب له من الصفات ويجوز ويمتنع عليه من الأفعال ولا شك أن المصلحة المتوقعة من هذا الفائت وهو النظر فيما ذكر تربى أي تزيد وتفضل على ما يتوقع مما كلف به فكان ممتنعا عقلا وجواب الأول ما مر في مسألة خلق الأعمال من أن قدرة العبد وإن كانت غير مؤثرة إلا أن لها تعلقا بالفعل يسمى كسبا وباعتباره جاز التكليف به فلا يكون تكليفا بما لا يطاق بالكلية وجواب الثاني أن يقال ما في التكاليف من المصالح الدنيوية والأخروية يربى كثيرا على المضرة التي هي فيها وترك الخير الكثير لأجل الشر القليل مما لا يجوز وجواب الثالث أنه فرع حكم العقل بالحسن والقبح ووجوب الغرض في أفعاله تعالى مع ما أجبنا به الثاني وهو أن نقول إن التكليف لغرض يعود إلى العبد وهو المنافع الدنيوية والأخروية التي تربى على مضرة التعب بمشاق الأفعال وأما عقابه أبدا فليس لأنه لم يحصل منفعته بل لأنه يمثل أمر مولاه وسيده وفي ذلك إهانة له وإن لم يستجلب بذلك الأمر فائدة لنفسه والمعارضة بمضرة الكفار والعصاة مدفوعة بأن تلك المضرة مستندة إلى سوء اختيارهم وجواب الرابع عندنا أن القدرة مع الفعل كما مر والتكليف به في هذه الحالة أوليس تكليفا بالمحال الذي هو تحصيل الحاصل وإنما يكون كذلك أن لو كان الفعل حاصلا بتحصيل سابق على التحصيل الذي هو ملتبس به وما ذكر من أنه لا فائدة فيه حينئذ لوجوبه فإنما يتم إذا وجب الغرض في أفعاله تعالى وهو باطل وجواب الرابع عند المعتزلة أن التكليف قبل الفعل وليس ذلك تكليفا بما لا يطاق لأن التكليف في الحال إنما هو بالإيقاع في ثاني الحال لا بالإيقاع في
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»