المثال المذكور لا يلزم ضرارا وحفصا القائلين بعدم التوليد فيما قام بغير محل القدرة وبيانه على ما في الأبكار أن المتولدات منها ما هي قائمة بمحل القدرة كالعلم النظري المتولد من النظر ومنها ما هي قائمة بغير محل القدرة فاختلفت المعتزلة فذهب بعضهم إلى أنها بأسرها فعل لفاعل السبب وإن كان معدوما حال وجود المتولد كمن رمى سهما ومات قبل بلوغ السهم الرمية فإن الإصابة والآلام الحادثة منها من فعل الميت وذهب ثمامة بن أشرس إلى أنها كلها حوادث لا محدث لها والنظام إلى أن المتولدات برمتها من فعل الله تعالى لا من فعل العبد الفاعل للسبب وذهب ضرار بن عمرو وحفص الفرد إلى أن ما كان منها في محل قدرة الفاعل فهو من فعله وما كان في محل مباين لمحلها فما وقع منه على وفق اختياره فهو أيضا من فعله كالقطع والذبح وما لا يقع على وفقه فليس من فعله كالآلام في المضروب والاندفاع والثقيل المدفوع وحركة الجسم المفروض من القسم الأخير فالإلزام بها لا يقوم بها حجة عليهما والمعتزلة القائلون بإسناد المتولدات إلى العباد ادعوا الضرورة تارة كأبي الحسين وأتباعه وجنحوا إلى الاستدلال أخرى كالجمهور منهم أما الضرورة فقالوا من رام دفع حجر في جهة اندفع إليها بحسب قصده وإرادته فيكون اندفاعه صادرا عن الدافع وفعلا له وليس هذا الاندفاع فعلا له مباشرا بالاتفاق
(٢٣٢)