المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ١٤١
الحادث بذاته تعالى فيلزم أن يمتنع عليه الصدق المقابل لذلك الكذب وإلا جاز زوال ذلك الكذب وهو محال فإن ما ثبت قدمه امتنع عدمه واللازم وهو امتناع الصدق عليه واللازم باطل فإنا نعلم بالضرورة أن من علم شيئا أمكن له أن يخبر عنه على ما هو عليه وهذا الوجه الثاني أيضا إنما يدل على كون الكلام النفسي صدقا لأنه القديم وأما هذه العبارات الدالة على الكلام النفسي فلا دلالة على صدقها لأنها حادثة فيجوز زوالها بحدوث الصدق الذي يقابلها مع أن الأهم عندنا هو بيان صدقها الثالث وعليه الاعتماد لصحته ودلالته على الصدق في الكلام النفسي واللفظي معا خبر النبي صلى الله عليه وسلم بكونه صادقا في كلامه كله وذلك أي خبره صلى الله عليه وسلم بصدقه مما يعلم بالضرورة من الدين فلا حاجة إلى بيان إسناده وصحته ولا إلى تعيين ذلك الخبر بل نقول تواتر عن الأنبياء عليهم السلام كونه تعالى صادقا كما تواتر عنهم كونه تعالى متكلما فإن قيل صدق النبي إنما يعلم بتصديقه تعالى إياه وإنما يدل تصديقه إياه على الصدق أي صدق النبي إذا امتنع عليه تعالى الكذب ووجب أن يكون كلامه صدقا فصدق النبي إنما يعرف بصدق الله تعالى فيلزم الدور إذا ثبت صدقه تعالى بصدق النبي كما فعلتم قلنا التصديق بالمعجزة كما مر فهو تصديق فعلي لا قولي ودلالتها على التصديق دلالة عادية لا يتطرق إليها شبهة كما ستقف عليه واعلم أن للمصنف مقالة مفردة في تحقيق كلام الله تعالى على وفق ما أشار إليه في خطبة الكتاب ومحصولها أن لفظ المعنى يطلق تارة على مدلول اللفظ وأخرى على الأمر القائم بالغير فالشيخ الأشعري لما قال الكلام هو المعنى النفسي فهم الأصحاب منه أن مراده مدلول اللفظ وحده
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»