قلنا تعلق الكلام ببعض دون آخر كتعلق الإرادة لذاتها ببعض ما يصح تعلقها به دون بعض فلا تسلسل على ما مر وأما المنقول فوجوه الأول القرآن ذكر لقوله تعالى * (وهذا ذكر مبارك) * وقوله * (وإنه لذكر لك ولقومك) * مع قوله تعالى * (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) * وقوله تعالى * (وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث) * فإنهما يدلان على أن الذكر محدث فيكون القرآن محدثا الثاني قوله تعالى * (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) * إذ معناه إذا أردنا شيئا قلنا له كن فيكون قوله كن وهو قسم من كلامه متأخرا عن الإرادة الواقعة في الاستقبال لكونه جزاء له ويكون حاصلا قبيل كون الشيء أي وجوده بقرينة الفاء الدالة على الترتيب بلا مهالة وكلاهما يوجب الحدوث أما التأخر عن الإرادة الحادثة في المستقبل فلأن التأخر عن الشيء يوجب الحدوث خصوصا إذا كان ذلك الشيء حادثا واقعا في الاستقبال وأما التقدم على الكائن الحادث بمدة يسيرة فظاهر أيضا دلالته على الحدوث الثالث قوله تعالى * (وإذ قال ربك للملائكة) * وإذ ظرف زمان ماض فيكون قوله واقع في هذا الظرف مختصا بزمان معين والمختص بزمان معين محدث) الرابع * (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت) * فإنه يدل على أن القرآن مركب من الآيات التي هي أجزاء متعاقبة فيكون حادثا وكذا قوله تعالى * (إنا أنزلناه قرآنا عربيا) *
(١٣٧)