مناقشة قد مرت هناك فهؤلاء زعموا أن السمع والبصر نفس العلم بالمسموع والمبصر عند حدوثهما فيكونان حادثين وراجعين إلى العلم لا صفتين زائدتين عليه وفي المحصل اتفق المسلمون على أنه تعالى سميع بصير لكنهم اختلفوا في معناه فقالت الفلاسفة والكعبي وأبو الحسين البصري ذلك عبارة عن علمه تعالى بالمسموعات والمبصرات وقال الجمهور منا ومن المعتزلة والكرامية أنهما صفتان زائدتان على العلم وقال ناقده أراد فلاسفة الإسلام من وصفه تعالى بالسمع والبصر مستفاد من النقل وإنما لم يوصف بالذوق والشم واللمس لعدم ورود النقل بها وإذا نظر في ذلك حيث العقل لم يوجد له وجه سوى ما ذكره هؤلاء فإن إثبات صفتين شبيهتين بسمع الحيوانات وبصرها مما لا يمكن بالعقل والأولى أن يقال ألما ورد النقل بهما آمنا بذلك وعرفنا أنهما لا يكونان بالآلتين المعروفتين واعترفنا بعدم الوقوف على حقيقتهما احتج الباقي على نفيهما عنه تعالى بوجهين الأول إنهما تأثر الحاسة عن المسموع والمبصر أو مشروطان به كسائر الإحساسات وأنه أي التأثر المذكور محال في حقه تعالى والجواب منع ذلك إذ المعلوم أنهما لا يحصلان لنا إلا مع التأثر ولا يلزم من حصولهما مقارنا للتأثر فينا كونهما نفس ذلك التأثر أو مشروطين به وإن سلمنا أنه كذلك في الشاهد فلم قلتم إنه في الغائب كذلك فإن صفاته تعالى مخالفة بالحقيقة لصفاتنا فجاز أن لا يكون سمعه وبصره نفس التأثر ولا مشروطا به
(١٢٧)