والجواب إن انتفاء التعلق لا يستلزم انتفاء الصفة كما في سمعنا وبصرنا فإن خلوهما عن الإدراك لا يوجب انتفائهما أصلا الشرح المقصد السادس في أنه تعالى سميع بصير السمع دل عليه وهو مما علم بالضرورة من دين محمد صلى الله عليه وسلم فلا حاجة إلى الاستدلال عليه كما هو حق سائر الضروريات الدينية والقرآن وكذا الحديث مملوء به بحيث لا يمكن إنكاره ولا تأويله لأنه معلوم ضروري بلا اشتباه فيه وقد احتج عليه بعض الأصحاب بأنه تعالى حي وكل حي يصح اتصافه بالسمع والبصر ومن صح اتصافه بصفة اتصف بها أو بضدها وضد السمع والبصر هو الصمم والعمى وأنهما من صفات النقص فامتنع اتصافه تعالى بهما فوجب اتصافه بالسمع ويتوقف هذا الاحتجاج على مقدمات لا صحة لها الأول إنه حي بحياة مثل حياتنا المصححة للاتصاف بالسمع والبصر وأنه ممنوع إذ حياته مخالفة لحياة غيره فلا يجب كونها مصححة لذلك الاتصاف ولهذا لا يصح عليه بسبب حياته الجهل والظن والشهوة والنفرة مع صحتها علينا بسبب حياتنا المقدمة الثانية إن الصمم والعمى ضدان لهما وهو أيضا ممنوع بل هما عدم ملكه لهما فلا يلزم من خلوه عن السمع والبصر اتصافه بهما لجواز انتفاء القابلية رأسا وإما اتصافه بعدمهما مع انتفاء القابلية فإنه أوليس نقصا عندنا كيف وهو أول المسألة المتنازع فيها بيننا المقدمة الثالثة إن المحل لا يخلو عن الشيء وضده وهو دعوى بلا
(١٢٥)