المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٥٧٧
الأصوات العظيمة إنما تحصل في الأغلب من أجسام عظيمة وقد يستعان فيه أي في إدراك بعضها بالعقل كما في إدراك الحركة والسكون لأن الجسم المتحرك لا بد أن تختلف نسبته إلى أجسام أخرى كأن يصير قريبا من جسم كان بعيدا عنه وبالعكس فإذا حصل الإحساس بذلك الاختلاف من جهته حصل الشعور بكونه متحركا ولذلك قد لا يدرك في بعض الأوقات كراكب السفينة يراها ساكنة مع كونها متحركة حركة سريعة ويرى الشط متحركا مع كونه ساكنا فإنه لما لم يشعر بأن اختلاف نسبتها إلى الشط إنما هو من جهتها لم يشعر بحركتها بل أسنده إلى الشط فتوهمه متحركا وقد مر استعانة الشم والسمع بالعقل في العدد والعظم ثم أشار إلى معنى آخر للمحسوس بالعرض بقوله وقد يقال المحسوس بالعرض ما لا يحس به أصلا لكن يقارن المحسوس بالحقيقة كإبصارنا أبا عمرو فإن المحسوس ذلك الشخص وليس كونه أبا عمرو محسوسا أصلا لا أصالة ولا تبعا بخلاف الأمور السابقة فإنها محسوسة بالتبعية فإطلاق المحسوس بالعرض على هذين المعنيين بالاشتراك اللفظي وبهذا خرج الجواب عما ذكره في المباحث المشرقية من أن هذه الأمور ليست محسوسة بالعرض لأن المحسوس بالعرض ما لا يحس به حقيقة لكنه مقارن للمحسوس الحقيقي وإن شئت حقيقة الحال فاستمع لهذا المقال ألست قد سمعت أن البياض مثلا قائم بالسطح أولا وبالذات وقائم بالجسم ثانيا وبالعرض ولا شبهة في أنه ليس معنى ذلك أن للبياض قيامين أحدهما بالسطح والآخر بالجسم بل معناه أن له قياما واحدا بالسطح لكن لما قام السطح بالجسم صار ذلك القيام منسوبا إلى السطح أولا وبالذات وإلى الجسم ثانيا وبالعرض فقس على ذلك معنى كون الشيء مثلا مرئيا بالذات وبالعرض فإذا قلنا اللون مرئي
(٥٧٧)
مفاتيح البحث: السفينة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 572 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 ... » »»