المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٥٧٥
الذي بين الرطوبة واليبوسة وكذا الحال في بواقي الملموسات بخلاف الطعوم فإنها مع كثرتها ليس بينها إلا نوع واحد من التضاد فيكفيها قوة واحدة ولم يلتفت إليه المصنف لظهور ضعفه الثاني من التنبيهين قوة الذوق في إدراكها مشروطة باللمس إذ لا يتصور إدراك ذوقي بلا ملامسة بين اللسان والمذوق فربما يتوهم من ذلك اتحاد الذائقة باللامسة فدفعه بقوله ولا شك أنها غيرها إذ لا يكفي فيها أي في إدراك الذائقة اللمس وحده بل يحتاج معه إلى توسط الرطوبة اللعابية واختلاطها على ما مر فلا بد من التغاير وكيف لا والذوق يضاده أي اللمس باعتبار الغاية لأن الذوق إنما خلق للشعور بما يلائم من المطعومات التي تستبقي بها الحياة ليجتلب واللمس خلق للشعور بما لا يلائم ليجتنب وتلخيصه أن الحيوان مركب من العناصر الأربعة فصلاحه باعتدالها وفساده بغلبة بعضها على بعض فلا بد له من قوة يدرك بها ما ينافي مزاجه ويخرجه عن اعتداله وهي اللامسة الدافعة للمضرة كما لا بد له من قوة جاذبة للمنفعة فبهذا الاعتبار كان بينهما تضاد وتخالف ولما كان الاجتناب عن جميع المنافيات واجبا دون اجتلاب جميع الملائمات عمت اللامسة البدن قال الحكماء لا يمكن وجود حاسة سادسة لأن الطبيعة لا تنتقل من درجة الحيوانية إلى درجة فوقها إلا وقد استكملت ما في الدرجة الأولى فلو كان في الإمكان حس آخر لكان حاصلا للإنسان وههنا أبحاث أي بحثان نختم بها هذا النوع أي الأول من الأنواع الثلاثة أحدها إن الحواس الظاهرة مختلفة بالقوة والضعف في إدراكاتها
(٥٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 570 571 572 573 574 575 576 577 578 579 580 ... » »»