الطرفين والنسبة حتى يتمكن من الحكم عليها فلا يجوز أن يكون الحكم المذكور للقوة الوهمية ولا للحس المشترك الرابعة منها القوة الحافظة وهي الحافظة للمعاني التي تدركها القوة الوهمية كالخزانة لها ونسبتها إلى الوهمية نسبة الخيال إلى الحس المشترك فاستغنى في إثباتها بما ذكرناه ثم الخامسة القوة المتخيلة وهي القوة التي تتصرف في الصور المحسوسة والمعاني الجزئية المنتزعة منها وتصرفها فيها بالتركيب تارة والتفصيل أخرى مثل إنسان ذي رأسين وإنسان عديم الرأس وحيوان نصفه إنسان ونصفه فرس وهذا التصرف غير ثابت لسائر الحواس والقوى فهو لقوة أخرى وهذه القوة إذا استعملها العقل في مدركاته بضم بعضها إلى بعض أو فصله عنه سميت مفكرة كما أنها إذا استعملها الوهم في المحسوسات مطلقا سميت متخيلة فإن قيل كيف يستعملها الوهم في الصور المحسوسة مع أنه ليس مدركا لها أجيب بأن القوى الباطنة كالمرايا المتقابلة فينعكس إلى كل منها ما ارتسم في الأخرى والوهمية هي سلطان تلك القوى فلها تصرف في مدركاتها واستعمال ما هو آلة فيها بل لها تسلط على مدركات العاقلة فتنازعها فيها وتحكم عليها بخلاف أحكامها فمن سخرها للقوة العقلية بحيث صارت مطاوعة لها فقد فاز فوزا عظيما ولنختم هذا النوع الثاني بأبحاث الأول عرف وجود هذه القوى الخمس الباطنة بتعدد الأفعال
(٥٨٨)