إلى القوة الحاسة ويكون الإحساس بملامسة المحسوس من غير واسطة وأن يكون توسطها بأن تتكيف تلك الرطوبة بالطعوم من غير مخالطة فالمحسوس بالحقيقة حينئذ هو الرطوبة المحسوسة بلا واسطة فإذا كانت الرطوبة اللعابية عديمة الطعم كما هو حالها في ذاتها أدت الطعوم من الأجسام إلى الذائقة بصحة فتدركها كما هي وإن خالطها طعم إما بأن تتكيف به أو يخالطها أجزاء من حامله لم تؤدها بصحة بل مخلوطة بذلك الطعم كما للمرضى الذين تغير لعابهم على أحد الوجهين ولذلك كان المرور الذي غلبت عليه المرة الصفراء يجد الماء النفه والسكر الحلو مرا ومن ثمة أي ومن أجل أنها إذا خالطها طعم لم تؤد الطعوم بصحة بل مخلوطة بما خالطها قال بعضهم الطعوم لا وجود لها في ذي الطعم أي فيما اشتهر بأنه ذو طعم كالعسل مثلا وإنما توجد الطعوم في القوة الذائقة والآلة الحاملة لها وكذلك سائر الكيفيات فالحرارة إنما يعلم وجودها بالحس والذي يعطيه الحس ويشهد بها وجودها في العضو الذي فيه القوة اللامسة عند مماسة النار وأما وجودها في النار فوهم مستفاد من أنها أي النار لا تعمل ولا تؤثر في غيرها غلا بالتشبيه أي إحداث شبيه هو موجود فيها وعلى هذا لو لم تكن النار حارة في نفسها لما سخنت غيرها وهو أي هذا الوهم يضمحل ويتلاشى بالتأمل في تسخين الحركة للمتحرك مع عدم حرارتها في نفسها والجواب أنه إنكار للمحسوسات التي علم وجودها في محالها بلا شبهة وسفسطة ظاهرة البطلان لا تستحق الجواب بإظهار الخلل في مقدماتها لأن متصادمتها للضرورة كافية في ذلك
(٥٧٣)