المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٥٦٦
والعمدة في الاحتجاج عليه ما ذكره جالينوس وهو أن الجسم لا ينطبع فيه من الأشكال إلا ما يساويه في المقدار فوجب على تقدير كون الإبصار نفس الانطباع أو مشروطا به أن لا يبصر من الأشياء إلا قدر نقطة الناظر منها وهو السواد الأصغر الذي فيه إنسان العين لكنا نبصر نصف كرة العالم والجواب إنه لا يمتنع حصول شبح الكبير في الصغير إنما المحال حصول ذلك الشكل الكبير بعينه في الصغير والحاصل مما ذكرناه في الجواب أن هذا الذي أورده جالينوس إنما يرد على من يرى ويعتقد أن المبصر نفس الشبح المنطبع في الجليدية كما توهمه المتأخرون من كلام المعلم الأول وحكوه عنه وأما من يزعم أن حصول الشبح شرط للإبصار وأن المبصر هو ذلك الأمر الخارجي فلا يرد عليه ذلك الذي أورده فإن شبح الشيء قد لا يساويه في المقدار وإن كان موجبا لإبصاره على ما هو عليه وهذا الأخير هو الحق على القول بالانطباع وفي الملخص أن المتأخرين لم يفهموا كلامه فحكوه على ما لا ينبغي فتارة قالوا إن هذه الصورة نفس الإبصار وأخرى قالوا إنها الإبصار والمبصر معا وأما الموجود الخارجي فغير المرئي أصلا ثم إنهم تعصبوا بهذه الخرافات وعرضوا معلمهم لطعن الطاعنين فهم كالرواة السوء للشاعر الجيد القول الثاني إنه يخرج من العين جسم شعاعي على هيئة مخروط متحقق رأسه يلي العين وقاعدته تلي المبصر والإدراك التام إنما يحصل من الموضع الذي هو موضع سهم المخروط وهو مذهب جمهور الرياضيين ثم إنهم اختلفوا فيه على وجوه ثلاثة
(٥٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 571 ... » »»