المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٥٧٤
المشعر الخامس اللمس وهو قوة مبثوثة في العصب المخالط لأكثر البدن سيما الجلد فإن العصب يخالطه كله ليدرك به أن الهواء المجاور للبدن محرق أو مجمد فيحترز عنه كيلا يفسد المزاج الذي به الحياة ومن الأعضاء ما ليس فيه قوة لامسة كالكلية فإنها ممر الفضلات الحادة فاقتضت الحكمة الإلهية أن لا يكون لها حس لئلا تتأذى بمرورها عليها وكالكبد إذ يتولد فيه الأخلاط الحادة وكالطحال فإنه مفرغة للسوداء وكالرئة فإنها دائمة الحركة لترويح القلب فلا حس في شيء من هذه الأعضاء بل في أغشيتها ليدرك بها ما يعرض لها من الآفات وكذلك العظم ليس فيه قوة لامسة لأنه أساس البدن وعموده وعليه أثقاله فلو كان له حس لتأذى بالحمل وقد يقال إن له حسا إلا أن في حسه كلالا ولذلك كان إحساسه بالألم إذا أحس شديدا جدا تنبيهان الأول منهم من قال إن القوة اللامسة أربع متغايرة بالذوات الحاكمة بين الحار والبارد والحاكمة بين الرطب واليابس والحاكمة بين الصلب واللين والحاكمة بين الأملس والخشن ومنهم من أثبت قوة خامسة تحكم بين الثقيل والخفيف ولا يبعد كون الآلة الحاملة للقوة واحدة مع تعدد القوى اللامسة الحالة فيها فلا يلزم من سريان اللامسة في البدن وانتشارها فيه كونها قوة واحدة كما أن الرطوبة الجليدية فيها قوة باصرة وقوة لامسة وإذا جاز اجتماعهما في محل واحد جاز اجتماع اللامستين فيه أيضا إذ ليستا متماثلتين وكله بناء على أن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحدفلا بد من قوى متعددة إما أربع أو خمس لإدراك تلك الملموسات وليت شعري لم لا يجعلون الذائقة أيضا قوى متعددة لتعدد المذوقات كما يجعلون اللامسة متعددة لتعدد الملموسات قال الإمام الرازي لهم أن يجيبوا عن هذا بأنا إنما أوجبنا أن يكون الحاكم على نوع واحد من التضاد قوة واحدة على حدة ليتم الشعور بهما والتميز بينهما ولا شك أن بين الحرارة والبرودة نوعا من المضادة مغايرا للنوع
(٥٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 569 570 571 572 573 574 575 576 577 578 579 ... » »»