المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٥٧٢
أضعف من كيفية المؤثر وهذا هو الحق لأن المسك القليل يعطر مواضع كثيرة ويدوم ذلك مدة بقائه ولا يقل وزنه مما كان ولو كان ذلك يتحلل منه لامتنع ذلك وأنت تعلم أن هذا إنما يبطل انحصار الشم في الوجه الأول ولا ينافي حصوله على كل واحد من الوجهين تارة معا وتارة بدلا عن الآخر كما ذكره بعض المحققين احتج الأولون بوجهين الأول إن الحرارة تهيج الروائح وتثيرها وكذلك كل من الدلك والتبخير يذكيها وينشرها والبرد يكثفها ويخفيها فدل ذلك على أن الشم بالتحلل قلنا لا نسلم ما ذكرتم بل الحرارة وأخواتها تعدها أي تعد الشامة والأهوية المتوسطة بينها وبين ذي الرائحة لقبول الرائحة إدراكا واتصافا وذلك إما لتأثيرها في الهواء وإعدادها إياه للاتصاف بالرائحة أو تأثيرها في الآلة وإعدادها للشم الثاني التفاحة تذبل من كثرة الشم فلولا أنه يتحلل شيء منها لم يكن كذلك قلنا ليس ذبولها من كثرته بل من وصول النفس إليها وكثرة اللمس فإنهما يحللانها وأما مجرد انتشار الرائحة منها فلا يحللها وإلا لم يتفاوت مع الانتشار الشم وعدمه وهو باطل قطعا المشعر الرابع الذوق وهو قوة منبثة أي منتشرة من بثه إذا نشره في العصب المغروس على جرم اللسان وإنما تدرك هذه القوة الطعوم بواسطة الرطوبة المنبعثة عن الآلة المسماة بالملعبة العذبة أي الخالية في نفسها عن الطعوم كلها المخالطة للمذوق فيحتمل أن يكون توسطها بأن ينتشر فيها أجزاء من ذي الطعم ثم يغوص في اللسان فتدرك الذائقة طعمها فلا فائدة حينئذ في تلك الرطوبة إلا تسهيل وصول المحسوس الحامل للطعوم
(٥٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 567 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 ... » »»