النفس ليست مدركة للجزئيات كما أشرنا إليه فلنتكلم في ذلك فنقول المدرك لجميع أصناف الإدراكات النفس لوجوه الأول ما ذكرناه من الحكم بالكلي على الجزئي وبكل جزئي على أنه غير الآخر الثاني وجداني إني واجد أسمع وأبصر وأجوع وأشبع الثالث أن النفس مدبرة للبدن فهو فاعل للجزئيات ولا بد له فيه من إدراك الجزئيات إذ الرأي الكلي نسبته إلى الكل واحدة فلا يصلح لكونه مصدرا للبعض دون البعض وللخصم وجوه الأول نعلم ضرورة أن إدراك المبصرات حاصل للبصر والأصوات للسمع وعلى هذا وإنكار ذلك مكابرة الثاني آفة كل عضو توجب آفة فعله الثالث إذا أدركنا الكرة فلا بد له أن ترتسم في المدرك صورتها ومن المحال ارتسام ما له وضع وحيز فيما لا وضع ولا حيز له الرابع إذا تصورنا مربعا مجنحا بمربعين هكذا فإنا نميز بين المربعات الثلاثة ونشير إلى وضع كل من الآخر على معنى أين هو من صاحبه فلو كان محله النفس لزم كونه منقسما انقساما في الكم وأنه باطل لأنها مجردة عن المادة والجواب أن شيئا من ذلك لا ينفي كون الحواس آلات والنفس هي المدركة وهذا القدر كاف في إثبات القوى المذكورة إذ لولا اختصاص كل عضو بقوة لما اختص بكونه آلة لنوع من المدركات دون الآخر
(٥٨٢)