من المعترفين بالألوان الأصل فيها خمسة السواد والبياض والحمرة والصفرة والخضرة فهذه الخمسة ألوان بسيطة وتحصل البواقي بالتركيب من هذه الخمسة بالمشاهدة فإن الأجسام الملونة بالألوان الخمسة إذا سحقت سحقا ناعما ثم خلط بعضها ببعض فإنه يظهر منها ألوان مختلفة بحسب مقادير المختلطات كما يشهد به الحس فدل ذلك على أن سائر الألوان مركبة منها والحق أن ذلك أعني تركيب هذه الخمسة على أنحاء شتى يحدث كيفيات في الحس هي ألوان مختلفة كما ذكرتم وأما أن كل كيفية لونية سوى هذه الخمسة فهو من هذا القبيل أي مما تركب منها فشئ لا سبيل إلى الجزم به ولا بعدمه إذ يجوز أن يكون هناك كيفية مفردة هي لون بسيط ويجوز أيضا أن يكون جميع ما عدا الخمسة مركبة منها فالواجب أن يتوقف فيه المقصد الثاني قال ابن سينا وكثير الضوء شرط وجود اللون فاللون إنما يحدث في الجسم بالفعل عند حصول الضوء وأنه غير موجود في الظلمة بل الجسم مستعد لأن يحصل فيه عند الضوء اللون المعين فإنا لا نراه فلذلك إما لعدمه أو لوجود العائق وهو الهواء المظلم والثاني باطل لأن الهواء غير مانع من الإبصار فإن الجالس في غار مظلم يرى من في الخارج والهواء الذي بينهما لا يعوق عن رؤيته والمشهور وهو مختار الإمام الرازي أنه شرط لرؤيته فإن رؤيته زائدة على ذاته والمتحقق عدم رؤيته في الظلمة وأما عدمه فلا والجالس في الغار إنما لا يراه الخارج لعدم إحاطة الضوء به فإن شرط الرؤية ليس هو الضوء كيف كان بل الضوء المحيط بالمرئي قال ابن الهيثم إنا نرى الألوان تضعف بحسب ضعف الضوء فكل طبقة من الضوء
(٦٥٠)