إذ المفروض أنه لا اعتماد على الحس وإلا لوجب الحكم بكون الثلج أبيض حقيقة الثالث الاتجاه من البياض إلى السواد يكون بطرق شتى فمن الغبرة فالعودية أي يتوجه الجسم من البياض إلى الغبرة ثم منها إلى العودية ثم كذلك حتى يسود وهذا هو الطريق الساذج كأنه يأخذ من أول الأمر في سواد ضعيف ثم لا يزال يشتد فيه السواد قليلا قليلا حتى يمحض ومن الحمرة فالقتمة أي يأخذ من البياض إلى الحمرة ثم إلى القتمة ثم إلى السواد ومن الخضرة فالنيلية أي يأخذ من البياض إلى الخضرة ثم إلى النيلية ثم إلى السواد قال ابن سينا وهذه الطرق لا يجوز اختلاف ما يتركب عنه الألوان المتوسطة فإن لم يكن إلا بياض وسواد وكان أصل البياض وهو الضوء الذي قد استحال ببعض الوجوه لم يمكن في الأخذ من البياض إلى السواد إلا طريق واحد لا يقع فيه الاختلاف إلا بالشدة والضعف على حسب اختلاط السواد بالبياض ولا يتصور هناك طرق مختلفة فإن ثبوتها يتوقف على شوب من غيرهما ولا بد أن يكون ذلك الشوب من مرئي وليس في الأشياء ما يظن أنه مرئي وليس سوادا ولا بياضا ولا مركبا منهما إلا الضوء فإذا جعل الضوء شيئا غيرهما أمكن أن تتركب الألوان وتتعدد الطرق فإنه إذا اختلط السواد والبياض وحدهما كانت الطريقة طريقة الاغبرار لا غير وإن خالط السواد ضوء فكان مثل الغمامة التي تشرق عليها الشمس ومثل الدخان الأسود الذي تخالطه النار كان حمرة إن كان السواد غالبا على الضوء أو صفرة إن كان السواد مغلوبا وكان هناك غلبة بياض مشرق ثم إن خالطت الصفرة سوادا ليس في أجزائه إشراق حدثت الخضرة إلى آخر ما سيأتي
(٦٤٧)