المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٦٥٤
محسوس ألا ترى أنا إذا غمضنا العين كان حالنا كما إذا فتحناها في الظلمة الشديدة ولا شك أنا لا نرى في حال التغميض شيئا في جفوننا بل لنا في هذه الحالة أنا لا نرى شيئا فنتخيل أنا نرى كيفية كالسواد فكذا الحال في تخيلنا الظلمة أمرا محسوسا فرع منهم من جعل الظلمة شرطا لرؤية بعض الأشياء كالتي تلمع وترى بالليل من الكواكب والشعل البعيدة ولا ترى في النهار وما ذلك إلا لكون الظلمة شرطا لرؤيتها ورد بأن ذلك ليس لتوقف الرؤية على الظلمة بل لأن الحس غير منفعل بالليل عن الضوء القوي كما في النهار فينفعل عن الضوء الضعيف ويدركه ولما كان في النهار منفعلا عن ضوء قوي لم ينفعل عن الضعيف فلم يحس به وذلك كالهباء الذي يرى في البيت إذا وقع عليه الضوء من الكوة ولا يرى في الشمس لأن بصر الإنسان حينئذ يصير مغلوبا بضوئها فلا يقوى على إحساس الهباء بخلاف ما إذا كان في البيت فإن بصره ليس ههنا منفعلا عن ضوء قوي فلا جرم يدرك الهباء المستضيء بضوء ضعيف ولا يخفى على ذي فطنة أن الأولى أن يجعل هذا الفرع مقصدا ثالثا عقيب المقصد الثاني ثم يجعل بيان حال الظلمة في كونها عدمية فرعا للمقصد الثالث
(٦٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 649 650 651 652 653 654 655 656 657 658 659 ... » »»